سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[الفتور الذي يعرض للمريد]

صفحة 69 - الجزء 1

[الفتور الذي يعرض للمريد]

  واعلم علَّمك الله الخير أن المريد ربما يَعْرِضُ له فُتُورٌ قوي، واضطراب شديد حتى ينتشر همه بعد أن كان مجموعًا، ويشُرد فِكْرُه بعد أن كان مزمومًا، وحتى يظن أن قلبه قد صار أعلاه أسفله، فيضيق صدره، ويكاد يفسد عليه أمره. وقد يكون ذلك بسبب ظاهر وقد يكون من غير (سبب فلا يجب أن يرتاع عند ذلك ارتياعًا يزيد في اضطرابه ويوهمه)⁣(⁣١) مفارقة حاله، بل يجب⁣(⁣٢) أن يفرَّ إلى الله، ويستغيث به، ويستنزل المعونة من عنده، ويداوم⁣(⁣٣) على ذلك. فإن لم يجد للاستغاثة الحلاوة⁣(⁣٤) التي كان يجدها من قبل لم ييأس من عوده (إلى حالته، واستمر)⁣(⁣٥) على البكاء والتضرع إلى الله تعالى، ومسألته كَشْفَ ما به، ويفزع إلى تنبيه القلب بقراءة القرآن بصوت شجي، أو استماعه من غيره، ولينظر إلى حكايات المتقدمين ومواعظهم، ويستعين على ذلك بمذاكرة من يكون منهم في زمانه، ومجالستهم واستماع كلامهم وتأمُّل أحوالهم، فإن كثر ذلك ودام حتى يغلبه الوسواس - استعمل ما ذكرنا


(١) ما بين القوسين ساقط من (ش).

(٢) في بقية النسخ: وينبغي.

(٣) في (ش) ويدفع على، وفي (ص) ويدوم.

(٤) سقطت من (ش) الحلاوة.

(٥) في (ص): على حالته واستمراره.