الفن الأول: علم المعاني
  تنبيه صدق الخبر: مطابقته للواقع، وكذبه: عدمها.
  وقيل: مطابقته لاعتقاد المخبر ولو خطأ، وعدمها(١)؛ بدليل قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ}(٢): ...
  وقال: بنفسه ليخرج نحو قائم؛ فإن الكلمة عنده كلام، وهى تفيد نسبة مع الموضوع، وأورد عليه نحو قم فإنه يدخل في الحد؛ لأن القيام منسوب؛ والطلب منسوب، وقيل: الكلام المفيد بنفسه إضافة أمر من الأمور إلى أمر من الأمور، نفيا أو إثباتا، بعد أن قال هذا القائل: إن الكلام المنتظم من الحروف المسموعة المتميزة، فورد عليه نحو قولنا (غلام زيد) فإنه كلام عنده، وهو يقتضى إضافة أمر إلى أمر، وهذا القريب من حد أبى الحسين. وقيل: القول المقتضى بصريحه نسبة معلوم إلى معلوم بالنفي أو الإثبات، وأورد عليه السكاكى نحو قولنا ما لا يعلم بوجه من الوجوه لا يثبت، ولا ينفى، فإنه يلزم أن لا يكون خبرا، قلت: وجوابه أن غير المعلوم بوجه من الوجوه معلوم ببعض الوجوه، وهو ما وقع به جعله محكوما عليه في هذه القضية، وأورد عليه أيضا ما ورد على الأول، فيلزم أن يكون خبرا وليس كذلك.
  ص: (تنبيه صدق الخبر إلى آخره).
  (ش): اعترض الخطيبي عليه بأن التنبيه في الاصطلاح: ما اشتمل على حكم يكفى في إثباته تجريد المسند والمسند إليه من اللواحق، أو النظر فيما سبقه من الكلام، وهنا لم يسبقه شئ يكون النظر فيه كافيا في إثبات الأحكام التي ذكرها، وليس جميع ما ذكر يكفى في إثباته تجريد المسندين فيحتمل أن يشير بالتنبيه إلى معناه اللغوي (قلت) وقوله: إن التنبيه في الاصطلاح ذلك إن أراد به اصطلاح أهل المعاني فممنوع، وإن أراد غيرهم فلا علينا إذا لم نسلكه، ثم الذي اصطلح على ذلك - كما قال الإمام فخر الدين - هو ابن سينا في الإشارات، ولعل الخطيبي إنما أخذ
  هذا من كلامه.
  وقوله: صدق الخبر مطابقته للواقع؛ أي في الخارج، وكذبه عدمها؛ أي عدم مطابقته للواقع في الخارج، فعلم بذلك أن الخبر ينحصر في الصادق والكاذب، ولا واسطة بينهما، وهذا مذهب الجمهور، وفى المسألة أقوال:
(١) أي وكذب الخبر: عدمها.
(٢) المنافقون: ١.