عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الأول: علم المعاني

صفحة 123 - الجزء 1

  وغير⁣(⁣١) المنكر كالمنكر: إذا لاح عليه شئ من أمارات الإنكار؛ نحو [من السريع]:

  جاء شقيق عارضا رمحه ... إنّ بنى عمّك فيهم رماح

  والمنكر كغير المنكر⁣(⁣٢): إذا كان معه ما إن تأمّله ارتدع؛ نحو: {لا رَيْبَ فِيهِ}⁣(⁣٣).


  ص: (وغير المنكر كالمنكر إذا لاح عليه شئ من أمارات الإنكار).

  (ش): يعنى إن فعل ما جرت العادة أنه إنما يصدر مع الإنكار، ينزل منزلة الإنكار كقوله:

  جاء شقيق عارضا رمحه ... إنّ بنى عمّك فيهم رماح⁣(⁣٤)

  يعنى بقوله عارضا مظهرا، أو حامله على كتفه، من قوله: «ولو أن تعرضوا عليه عودا»⁣(⁣٥) يعنى أن هذه حالة من يدعى الشجاعة، وأن خصمه ليس عنده ما يقابل به رمحه، وأنه غير ملتفت له، وقوله: فيهم رماح، الذي ذكروه أنه جمع رمح، ولو قيل:

  إنه مصدر استعارة من رمح الدابة برجلها لكان أليق بقوله فيهم من الجمع، (قلت):

  وفيما قاله المصنف نظر، لأن هذا الخبر ليس فيه إلا مؤكد واحد، فمن أين لنا أنه إنكاري؟ جاز أن يكون طلبيا، ويكون من القسم السابق، ويكون هذا التأكيد الواحد فيه استحسانيا لا واجبا.

  ص: (والمنكر كغير المنكر ... إلخ).

  (ش): إشارة إلى أن هذا الذي أنكره واضح الأدلة، لا يحتاج إلى تأكيد، كقوله تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ وفى المثل نظر؛ لأن هذا نفى، وسنفرده بالكلام، بل ينبغ أن


(١) أي ويجعل غير المنكر كالمنكر.

(٢) أي: ويجعل المنكر كغير المنكر.

(٣) سورة البقرة: ٢.

(٤) البيت من السريع، وهو لحجل بن نضلة الباهلي، في شرح عقود الجمان ١/ ٣٩، وبلا نسبة في الطراز ٢/ ٢٠٣، والمصباح ص ١١، والإيضاح ص ٢٤، والتلخيص ص ١١.

(٥) أخرجه البخاري في «الأشربة»، (١٠/ ٧٢)، (ح ٥٦٠٥، ٥٦٠٦)، ومسلم (ح ٢٠١١)، ويعنى:

«اللبن».