عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

[الجزء الأول] أحوال المسند إليه

صفحة 178 - الجزء 1

  ٢ - أو إلى نفس الحقيقة؛ كقولك: الرجل خير من المرأة.


  لتعريف عهد تقديرى، إذ لم يتقدم صريحا، وإنما تقدم: (ما في بطني محرّرا) والمراد به الذكر؛ لأنهم لم يكونوا

  ينذرون تحرير الإناث وفى الأنثى لتعريف عهد حقيقي صريح لتقدم (وضعتها أنثى) كذا قالوه، وفيه نظر؛ لأن قولهم: ليس الذكر الذي طلبت، يدل على أنه قد وقع طلب الذكر حقيقة، فيكون اللام فيه لتعريف عهدي حقيقي، والذي أحوج لإخراجها عن الجنسية: أنه لو كانت للجنس، لقيل: ليست الأنثى كالذكر، وليس هذا مقام قلب التشبيه، والمعهود قد يكون حاضرا لفظا، كقوله تعالى: {كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}⁣(⁣١) أو حسا وهو مبصر، كقولك: القرطاس لمن سدد سهما، أو علما، كقوله تعالى: {إِذْ هُما فِي الْغارِ}⁣(⁣٢) وقوله: {بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ}⁣(⁣٣)، {إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}⁣(⁣٤) هذا هو المعهود الشخصي، وأما الجنسي فسيأتي.

  الثاني - أن يراد نفس الحقيقة، كقولك: الرجل خير من المرأة، أي: حقيقة الرجل من حيث هي هي، خير من حقيقة المرأة من حيث هي هي، وقول المعرى:

  والخلّ كالماء يبدي لي ضمائره ... مع الصّفاء ويخفيها مع الكدر⁣(⁣٥)

  فلا يدل هذا حينئذ على وحدة، ولا تعدد.

  ثم قال المصنف: وقد تأتى لواحد باعتبار عهديته في الذهن، كقولك: ادخل السوق، حيث لا عهد، يعنى: إن الدخول إنما يكون في سوق معين قال: وعليه قول الشاعر، وهو عميرة بن جابر الحنفي:

  ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّنى ... فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني⁣(⁣٦)


(١) سورة المزمل: ١٥، ١٦.

(٢) سورة التوبة: ٤٠.

(٣) سورة طه: ١٢.

(٤) سورة الفتح: ١٨.

(٥) البيت في المفتاح ص ٩٩، ولطائف التبيان ص ٥٢، وسقط الزند ص ٥٨، وشرح المرشدى على عقود الجمان ١/ ٦٢، والخل: الصديق، و (ال) في قوله (الخل) جنسية؛ إذ ليس الحكم هنا على خل معهود، وإنما هو على جنس الخل. وضمائره: ما يضمره من المودة وغيرها.

(٦) البيت لعميرة بن جابر الحنفي ١/ ٧٨، وشرح التصريح ٢/ ١١، وهو منسوب لشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ص ١٢٦، ولعميرة بن جابر في حماسة البحتري ص ١٧١، وخزانة الأدب ١/ ٣٥٧، ٣٥٨، ٣/ ٢٠١، ٤/ ٢٠٧، ٥/ ٢٣، ٥٠٣، ٧/ ١٩٧، ٩/ ١١٩، ٣٨٣، والخصائص ٢/ ٣٣٨، ٣/ ٣٣٠، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٢١، ولسان العرب ١٢/ ٨١ (ثمم)، ١٥/ ٢٩٦ (عنى)، ودلائل -