عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

[الجزء الأول] أحوال المسند إليه

صفحة 200 - الجزء 1

  ١ - لأنها أخصر طريق (إلى إحضار المسند إليه)؛ نحو [من الطويل]:

  هواي مع الرّكب اليمانين مصعد ... ... ... ... ... ... .

  ٢ - أو تضمّنها تعظيما لشأن المضاف إليه، أو المضاف، أو غيرهما؛ كقولك: عبدي حضر، وعبد الخليفة ركب، وعبد السلطان عندي.


  الأول: أن لا يكون لإحضاره في الذهن طريق أخصر من الإضافة، وينبغي أن يقيد بما إذا كان المقام مقام اختصار، كما صنع في المفتاح كقول جعفر بن علبة حين حبس بمكة:

  هواي مع الرّكب اليمانين مصعد ... جنيب وجثمانى بمكّة موثق⁣(⁣١)

  فإنه لا طريق أخصر من ذلك، وإنما جعل هذا مقام اختصار؛ لأن حال المحبوس حال ضيق، وبعد هذا البيت:

  عجبت لمسراها وأنّى تخلّصت ... إلىّ وباب السّجن دونى مغلق

  وأورد عليه أن التعجب منصب على قوله: وأنى تخلصت فيلزم أن يكون معمولا لقوله: عجبت، ولا يصح، فإن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، وأجيب بأن الاستفهام صمن معنى التعجب، فلا حاجة لجعله معمولا لعجبت.

  الثاني: أن يتضمن التعظيم لشأن المضاف إليه، أو المضاف، أو غيرهما، فالمضاف كقولك: عبد الخليفة قادم فأكرمه، ومنه أعنى ما يتضمن تعظيم المضاف، وإن لم يكن مسندا إليه.

  لا تدعني إلا بيا عبدها ... فإنّه أشرف أسمائي

  وقوله تعالى: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ}⁣(⁣٢) والمضاف إليه كقولك:

  عبدي فعل كذا، تريد تعظيم شأن نفسك بأنك ذو عبد، وتعظيم شأن غيرهما كقولك:

  عبد السلطان عند فلان، تريد بالإضافة الأولى تعظيم فلان المذكور في الإضافة


(١) البيت من الطويل، وهو لجعفر بن علبة الحارثي - شاعر مقل من مخضرمى الدولتين الأموية والعباسية، وكان مسجونا بمكة في جناية، فزارته محبوبته مع ركب من قومها، فلما رحلت قال فيها ذلك - انظر البيت في معاهد التنصيص ١/ ١٢٠، والتبيان ١/ ١٦٣، والمفتاح ص ٩٩، وبلا نسبة في تاج العروس ١٢/ ١٨٢ (شعر)، والمصعد: اسم فاعل من أصعد بمعنى أبعد في السير، والجنيب: المستتبع من (جنب البعير) إذا قاده إلى جنبه.

(٢) سورة الحجر: ٤٢.