عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الأول: علم المعاني

صفحة 305 - الجزء 1

  ... ... ... ... ... .....


  تملكون، فحذف المسند وهو الفعل فانفصل الضمير في أنتم، وتملكون المذكورة تفسير، وإنما قلنا ذلك؛ لأن لو إنما يليها الفعل وما ذكره المصنف رأى الزمخشري وجماعة، وليس مذهب البصريين. قال ابن عصفور: لا يلي (لو) إلا الفعل ظاهرا، فأما المقدر فلا يلي إلا نادرا، ونقل ابن الصائغ تصريح البصريين بامتناعه فصيحا، ويجوز نادرا نحو:

  لو ذات سوار لطمتنى؛ لكن ابن مالك جوزه، وقيل: في الآية تقدر كان الناقصة، أصله (كنتم)، فحذفت كان واسمها وأنتم تأكيد. قال الشيخ أبو حيان: وحذف المؤكد وبقاء التأكيد مختلف في جوازه، قلت: ذلك في التأكيد المعنوي. أما اللفظي فقد يجوز جزما مثل: قم أنت؛ إذ لا سبيل لإبراز هذا الفاعل، وإن كنا لا نسمى ذلك حذفا فإن الضمير مستتر، وأما ضمير يمكن بروزه فالذي يظهر أن حذفه مع فعله كما في الآية يمتنع، ودون الفعل يظهر امتناعه كما يقتضيه كلامهم في تعليل منع حذف المؤكد وإبقاء التأكيد، والذي يؤول الآية على تقدير (لو كنتم) حاصله أنه يفرق بين فعل كان وغيره، ففعل كان يجوز إضماره بعد (لو) وإبقاء معموله لكثرة استعماله بخلاف غيره، وإطلاق البصريين أنها لا يليها إلا الفعل ملفوظا به - عجيب لمصادمته الآية الكريمة. وقيل:

  حذفت كان وانفصل اسمها. قال الزمخشري⁣(⁣١) بعد ذكره الوجه الأول: هذا ما يقتضيه علم الإعراب، فأما ما يقتضيه علم البيان فهو إن أنتم تملكون، فيه دلالة على الاختصاص وأن الناس هم المختصون بالشح المتبالغ، وأورد عليه أن الاختصاص يكون لمعنى الجملة الاسمية لا لصورتها، وأجيب عنه: بأن الحذف لما اتفق وحصل به تكرار ذكر الفاعل وعلم أن الاهتمام بذكر فاعل الجملة أكثر من فعلها - كان تقديما للفاعل على الفعل من حيث المعنى، والثاني بمنزلة المتكرر للتأكيد فأفاد الاختصاص. قلت: تكلف هذا القائل وظن صحة كلام الزمخشري وهو فاسد؛ لأن الاختصاص هنا معناه: لو اختصصتم بملك خزائن الرحمة لأمسكتم، وليس في ذلك ما يقتضى أنهم مختصون بالشح؛ لأنه لا ينفى أن غيرهم لو اختص بملك خزائن


(١) الزمخشري: محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الزمخشري، كان متفننا في كل علم، وله من التصانيف: الكشاف في التفسير، المفصل في

النحو، ومات سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، انظر بغية الوعاة (٢/ ٢٧٩).