الجزء الثاني أحوال المسند
  .. ... ... ... ... ... .....
  الثانية: وبها عبر الأكثرون أنها حرف امتناع لامتناع، واختلفوا في المراد بها على قولين:
  أحدهما - وهو الذي لم يذكر الجمهور غيره أنه امتنع الثاني لامتناع الأول فلا يكون فيها تعرض للوقوع على تقدير الوقوع إلا بالمفهوم الثاني أنها تدل على امتناع الأول لامتناع الثاني، وسنوضح فساده. واعلم أن الذي يبتدر إلى الذهن من هذه العبارة أمور: أحدها - أنها تدل على امتناعين، وفيه نظر؛ لأن مدلولها أن (لو) تدل على امتناع الثاني، وعلة ذلك امتناع الأول، فامتناع الأول يعلم باللازم؛ لأنه لو لم يمتنع لما امتنع الثاني؛ لأنه يلزم من عدم اللازم عدم اللزوم، لا أن امتناعه جزء من مدلولها، بل علة له، وعلى القول الثاني - مدلولها امتناع الأول لأجل الثاني وفرق واضح بين قولنا: مدلول هذه الكلمة كذا وكذا، وبين قولنا: مدلولها كذا لأجل كذا.
  الثاني - أن ما دخلت عليه اللام في قولهم: لامتناع، هو العلة الفاعلية، وكان يحتمل أن يقال: هي العلة الغائية كقولك: أسلمت لأدخل الجنة، ويكون معناه: حرف امتنع فيه الأول ليمتنع الثاني، فامتناع الثاني علة غائية، وهو مترتب على امتناع الأول، وحاصله أنها اقتضت امتناع فعل الشرط، وأن امتناعه يستلزم امتناع الجواب، وهذا وإن كان بعيدا فسيأتي ما يقربه. وهذا المعنى هو الذي فسر به الشيخ أبو حيان في أول كلامه، وقد تحصلنا من هاتين العبارتين على ثلاثة أقوال.
  الثالث - أن دلالة (لو) على الامتناعين بالمنطوق، وهذا هو الذي يظهر؛ لكن الذي يقتضيه كلام بدر الدين بن مالك في تكملة شرح التسهيل أنه بالمفهوم، وفيما قاله نظر.
  العبارة الثالثة - وبها عبر ابن مالك: حرف يقتضى امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه؛ يريد بهذه العبارة كما صرح به في شرح الكافية أنه يقتضى امتناع فعل الشرط واستلزامه ثبوته لثبوت الجواب، فالضمير في قوله: (واستلزامه) يعود على المضاف إليه، وهو قوله: ما يليه، لا على المضاف وهو امتناع، وصرح ابن مالك بأنه ليس فيها عنده تعرض لوقوع الجواب أو عدمه، إلا أن الأكثر عدمه، وهى