عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

شرح مقدمة صاحب التلخيص

صفحة 36 - الجزء 1

   كلمة الافتتاح للخطيب القزويني

  الحمد لله على ما أنعم، ...


شرح مقدمة صاحب التلخيص

  ص: قال المصنف |: (الحمد لله على ما أنعم).

  (ش): الحمد هو الثناء بالقول على جميل الصفات والأفعال. وبين الحمد والشكر عموم وخصوص من وجه، فإن الشكر يكون على الأفعال فقط: بالقول، أو الفعل، أو الاعتقاد، وعبارة الزمخشري: وهو بالقلب، واللسان، والجوارح. يريد التنويع، لا أن الشكر لا يكون إلا بمجموع الثلاثة. ثم استدل على ذلك بقوله:

  أفادتكم النّعماء منّى ثلاثة ... يدي ولساني والضّمير المحجّبا⁣(⁣١)

  وفيه نظر؛ لأن البيت لا تعرض فيه بأن شيئا من ذلك يسمى شكرا، فضلا عن كل واحد، نعم يدل على إطلاق الشكر على أعمال الجوارح والقلوب، قوله - وقد رآه بلال يصلى ويبكى، كيف تبكى وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ -: «أفلا أكون عبدا شكورا»⁣(⁣٢) وقوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً}⁣(⁣٣) وأما المدح، فاختلف النحاة في أنه مقلوب الحمد أو لا، ويعزى الأول لابن الأنباري، وأما المعنى فقال الزمخشري: الحمد والمدح أخوان لا يريد أنهما متشابهان غير مترادفين كما توهمه الطيبي؛ بل يريد ترادفهما؛ لأنه صرح بذلك في الفائق، فقال: الحمد هو المدح، وإليه أشار أيضا في تفسير قوله تعالى: {وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}⁣(⁣٤) وبه صرح الشيخ عز الدين بن عبد السّلام، ولا


(١) البيت بلا نسبة في الكشاف للزمخشري (١/ ٧) وتفسير ابن كثير (١/ ٢٣)، والدر المصون ١/ ٦٣.

(٢) أخرجه البخاري في «التفسير»، (ح ٤٨٣٦، ٤٨٣٧)، لكن من حديث المغيرة وعائشة، ومسلم (ح ٢٨١٩).

(٣) سورة سبأ: ١٣.

(٤) سورة الحجرات: ١٧.