الفن الأول: علم المعاني
  . ... ... ... ... .....
  بالواو، وليس من حق أحدهما التأخير عن الآخر، ولا شك أن ما فهمه المصنف عن السكاكى هو ظاهر عبارته، وأجيب بأن القسم الأول وهو أن يكون المقدم ما عرف له في اللغة تقدم بالأصالة، كالمبتدأ المعرف إذا لم يعرض ما يقتضى العدول عنه، فيكون التقديم لمجرد الأصالة، والقسم الثاني أن يكون للعناية ببيان ما تقدم إما لكونه نصب عينك أو لغير ذلك، سواء كان حق ما تقدم لغير التأخير أم لا، وإذا تقرر هذا فالتقديمان المذكوران داخلان في القسم الثاني، لأن رعاية الفاصلة والاحتراز عن الإخلال أورثا كون المتقدم نصب عينك، ولا يمتنع اجتماع الأسباب في مثل ما نحن فيه على مسبب واحد، وفيما قاله نظر؛ لأن كلا منهما سبب للعناية، ثم قال: إن تعلق (من قومه) بالدنيا على تقدير تأخره غير معقول المعنى إلا على وجه بعيد، وردّ عليه بمنع ذلك، لأن الدنيا ليست اسما، بل صفة، والألف واللام فيها موصولة، التقدير: التي دنت من قومه، ولا شك أن فيه تعسفا.
  وبقى من أسباب تقديم بعض المعمولات على بعض إفادة الاختصاص، كما تقدم عن ابن الأثير في نحو: {إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ}(١)، وجاء راكبا زيد، لكنه مخالف لكلام الجمهور، والله تعالى أعلم.
(١) سورة الغاشية: ٢٥.