الفن الأول: علم المعاني
  ... ... ... ... ... ... .....
  ويجوز: مررت بزيد لا عمرو؛ لأن الأول لا يتناول الثاني. انتهى. وإذا ثبت أنها لا تدخل إلا لتأكيد النفي اتضح الشرط المذكور؛ لأن نفى الخطاب اقتضى في: قام رجل نفى المرأة، فدخلت لا للتصريح بما اقتضاه المفهوم، وكذلك: قام زيد لا عمرو، وأما: قام رجل لا زيد، فلم يقتض المفهوم نفى زيد فلم يوجد نفى يؤكده لا، وقوله: تأكيد النفي لعله يريد النفي المؤكد، أو لعل مراده أنها لا تدخل في أثناء الكلام إلا للنفي المؤكد، بخلاف ما إذا جاءت أول الكلام قد يراد بها أصل النفي، مثل: لا أقسم، وقد خطر لي في ذلك أمران غير ما قاله الأبدي.
  أحدهما: أن العطف يقتضى المغايرة، والمغايرة في إطلاق أكثر الناس تقتضى المباينة، وإن كان التحقيق أن بين الأعم والأخص، وبين العام والخاص، وبين الجزء والكل مغايرة، فحينئذ يمتنع العطف في: جاءني رجل وزيد لعدم المغايرة أعنى:
  المباينة، فإذا قال: أردت زيدا غير زيد جاز، وليس مما نحن فيه، ولو قلت: جاء زيد ورجل، فمعناه ورجل آخر؛ لوجوب المغايرة؛ ولذلك لو قلت: جاء زيد لا رجل فتقديره: لا رجل آخر؛ لأنا نحافظ على مدلول اللفظ، فيبقى المعطوف عليه على مدلوله من عموم وخصوص، وإطلاق وتقييد.
  الثاني: أن مبنى الكلام على الفائدة، وقام رجل لا زيد مع إرادة مدلول رجل المحتمل لزيد وغيره لا فائدة فيه مع إرادة حقيقة العطف، بل نقول: فاسد، لأنك إن أردت الإخبار بنفي قيام زيد والإخبار بقيام رجل المحتمل له ولغيره فمتناقض وإن أردت الإخبار بقيام رجل غير زيد، فطريقك أن تقول: غير زيد وبهذا تبين أنه لا فرق بين قام
  رجل لا زيد، وقام زيد لا رجل في الامتناع إلا أن يراد بالرجل غير زيد فيصح فيهما إن صح وضع لا في هذا الموضع موضع غير، وفيه نظر وتفصيل، والفرق بين العطف بلا ومعنى غير أن العطف يقتضى النفي عن الثاني بالمنطوق، ولا تعرض فيه للأول بتأكيد النفي بالمفهوم إن سلم وغير تفيد الأول ولا تعرض فيها للثاني، إلا بالمفهوم إن كانت صفة، وإن كانت استثناء ففي كونه بالمنطوق أو المفهوم بحث، وهذان الوجهان أحسن مما ذكره السهيلي والأبدى؛ لأنهما بنياه على صحة مفهوم اللقب، وقول السائل: بين كاتب وشاعر عموم وخصوص من