أنواع الإنشاء
  ... ... ... .....
  والثاني: تعيين ذلك الشخص أو الأشخاص، وهو المطلوب بالسؤال فهو تصور محض، وإن كان يستلزم نسبة
  الاستقرار عند المخاطب إلى ذلك الشخص، وهو أخص من النسبة التي كانت حاصلة للمتكلم أو لا؛ لأنها نسبة الأعم ذكره الوالد | قال:
  ومن هنا غلط بعض الناس فظن أن المطلوب بها التصديق.
  (فائدة): تترتب على هذا ذكرها الوالد أيضا أن الجواب مفرد لا مركب، ولا يقدر له مبتدأ ولا خبر، فإذا قلت: من عندك؟ فقيل: زيد، كان بمنزلة قولك: ما الإنسان فتقول: حيوان ناطق، فهو ذكر حد يفيد التصور فقط، وعلى ذلك قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}(١) وقد جاء في الآية الأخرى: {خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}(٢) وهو ابتداء كلام يتضمن الجواب، وليس اقتصارا على نفس الجواب بخلاف الآية قبلها.
  (فائدة أخرى): تترتب على ذلك يقال في الجواب عن ذلك: زيد، إن كان واحدا، أو زيد وعمرو وإن كانا اثنين، أو زيد وعمر وبكر إن كانوا ثلاثة، وعلى هذا إلى أن يستغرق، ولو ذكر بعض من عنده لم يكن جوابا صحيحا، بل الجواب المطابق ما لا يزيد ولا ينقص، كما أن الجواب الصحيح بالحد أن يكون جامعا مانعا، ومن هنا تعلم أن المسؤول عنه بمن هو ماهية من عنده، أعم من القليل والكثير، وبه تعلم أن «من» الاستفهامية ليست للعموم في الإفراد، بل للماهية بخلاف ما قاله الأصوليون؛ حيث استدلوا بذلك على العموم فإن أرادوا العموم بالمعنى الذي ذكرناه فصحيح، وإن أرادوا أنها تدل على الإفراد فممنوع.
  (فائدة أخرى): «من» صالحة للمذكر والمؤنث، وللمفرد والمثنى والمجموع، هذا حظ النحوي منها، وحظ الأصولى أنها للعموم. قال الوالد - | فهل - العموم في جميع هذه المراتب أو في الآحاد، وتظهر فائدة ذلك إذا قال من دخل دارى من هؤلاء فأعطه درهما، فإن قلنا بالأول أخذ كل واحد درهما، وإن قلنا بالثاني أخذ كل واحد درهما بدخوله ونصف درهم بدخوله مع آخر، وإن دخل ثلاثة فعلى الأول يعطيهم ثلاثة لكل واحد درهم، وعلى الثاني يعطيهم ثلاثة؛ بدخول الآحاد لكل واحد
(١) سورة الزخرف: ٨٧.
(٢) سورة الزخرف: ٩.