الفن الأول: علم المعاني
  فإنّ وزانه وزان عمر في قوله [من الرجز]:
  أقسم بالله أبو حفص عمر(١)
  الجملة التي هي قال: ليس فيها بيان لوسوس، فإن قال: أخص من وسوس من وجه فكيف يبينه؛ بل العكس أقرب، فإن القول يبين بالوسوسة؛ لكن البيان على هذا وقع في متعلق الجملة وهو ذكر المقول وذكر في الإيضاح قوله تعالى: {ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}(٢)، وقال: يحتمل التبيين، فإنه إذا خرج من جنس البشر فقد دخل في جنس آخر فاحتاج إلى بيان يعينه ويحتمل التأكيد؛ لأنه إذا كان ملكا لم يكن بشرا، وقول المصنف: (فإن وزانه وزان أقسم بالله أبو حفص عمر) يشير إلى ما روى أن أعرابيا أتى عمر ¥ فقال: إن أهلي بعيد وإني على ناقة دبراء عجفاء نقباء واستحمله، فظنه كاذبا فلم يحمله فأخذ الأعرابي بعيره واستقبل البطحاء وهو يقول:
  أقسم بالله أبو حفص عمر ... ما إن بها من نقب ولا دبر
  اغفر له اللهمّ إن كان فجر(٣)
  وعمر ¥ مقبل، فجعل كلما قال: اغفر له اللهم إن كان فجر، يقول عمر ¥: اللهم صدق حتى التقيا فأخذ بيده فقال: ضع عن راحلتك، فوضع فإذا هي نقباء عجفاء، فحمله على بعير وزوده وكساه، وقيل: إن الذي قاله عمر: اللهم صدق ظني، وقال ابن يعيش في باب عطف البيان، وقول المصنف في غير موضع:
  وزانه وزان كذا، أي: موازنة الثانية للأولى موازنة البدل للمبدل ونحوه؛ لأن الوزان في اللغة الموازنة.
(١) وبعده: ما مسها من نقب ولا دبر.
(٢) سورة يوسف: ٣١.
(٣) الأبيات لأعرابى، كما في عقود الجمان ص ١٧٩، وفيه: ما مسّها من نقب، مكان: ما إن بها من نقب ...