الفن الأول: علم المعاني
  . ... ... ... ... .....
  لأنه لا يصلح لمباشرة السين وكذلك لا يجوز مررت بجالس ويتحدث، فإن عطف اسم الفاعل على فعل ماض لم يجز إذ لا ملازمة بينهما إلا إذا قربت الماضي من الحال بأن تقربه بقد، كقوله:
  أم صبىّ قد حبا أو دارج
  أو يكون اسم الفاعل مرادا به الماضي فيجوز عطفه عليه مثل: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ}(١) وعليه بنى المصنف وغيره ما ذكره كأنه يقول: إن قلنا:
  يجوز عطف الاسمية على الفعلية وعكسه، فهو غير مستحسن لما فيه من عدم التناسب، وذلك نحو: قام زيد وعمرو قعد؛ ولذلك كان المعطوف على الجملة الاسمية نحو: زيد قام وعمرو ضربته يختار في ضربه النصب، ولو كانت الجملة الاسمية ذات وجهين نحو: زيد قام وقعد عمرو فقد جعله السكاكى من عطف الفعلية على الاسمية، والظاهر أنه في الرتبة الوسطى لا يصل في القبح إلى عطف فعلية على اسمية محضة ولا في الحسن إلى عطف اسمية محضة على اسمية، وعكسه فإنه يشارك الفعليتين والاسميتين في اشتمال كل من الجملتين على فعل واسم، بل يزيد عليهما بتوالي الفعلين المحمولين؛ ولكنه ينقص عنهما بالاختلاف بجعل محمول إحداهما مقدما ومحمول الأخرى مؤخرا، وقول المصنف: (في الفعلية والاسمية) فيه نظر، وينبغي أن يقول: أو الاسمية؛ لأن التناسب لا يكون في كل منهما، بل في إحداهما.
  الأمر الثاني من التناسب: أنهما إذا كانا فعليتين يتناسبان في المضي والمضارعة وينبغي أن يقول: أو المضارعة فإن التناسب لا يكون إلا في إحداهما - كما سبق - كقولك: قام زيد وقعد أو يقوم ويقعد فلو قلت: قام زيد ويقعد أو عكسه، لم يحسن وهذا بشرط أن يكون المضارع والماضي مرادا بهما المضي أو الاستقبال، أما لو أريد بأحدهما المضي وبالآخر الاستقبال أو الحال لم يجز بالكلية، كما تقدم عن الشيخ أبى حيان نقل الإجماع فيه.
  ومن التناسب أيضا ولم يتعرض له المصنف: أن تكون الجملتان سواء في الشرطية والظرفية، أي: إذا كان المعطوف عليها شرطية فليكن المعطوف كذلك أو كانت المعطوف عليها ذات ظرف؛ فلتكن الثانية كذلك.
(١) سورة الحديد: ١٨.