الفن الأول: علم المعاني
  ... ... ... ... .....
  قبلها؛ بل على الجملة العاملة في الحال فمعنى «جاء زيد والشمس طالعة»: جاء زيد ووقع طلوع الشمس معه، فإذا قلت: جاء زيد قائما والشمس طالعة، وجعلت الواو للحال كان العطف على الفعل، لا على الحال، لا يقال: كيف يعطف المعمول على عامله، لأنا نقول: إنما أردنا العطف المعنوي لا الصناعي.
  هذا كله لو قال الزمخشري: إنها عاطفة، والفرض أنه لا يريد ذلك، إنما يريد أن أصلها العطف كما صرح به السكاكى في المفتاح، وللكلام على هذه الآية الكريمة بقية تأتى حيث نتكلم على الجملة الاسمية - إن شاء الله
  تعالى - فإن قلت: لو كانت هذه الواو العاطفة لما عطفت الاسمية على الفعلية في الكلام الفصيح.
  (قلت): إنما يمتنع في الفصيح عطف الاسمية على الفعلية إذا كانت عاطفة حقيقة، أما إذا كان أصلها العطف فلا.
  وقد قدم المصنف على ما ذكره مقدمة، وهى أن الحال تنقسم إلى: منتقلة ومؤكدة، فالمؤكدة: لا تدخلها الواو أبدا، وسببه أنها في معنى ما قبلها، والواو تؤذن بالمغايرة، والمنتقلة سواء كانت مفردا أو جملة أصلها أن تكون بغير واو؛ واستدل عليه بأمرين:
  أحدهما: أنها في المعنى حكم على صاحبها كما أن الخبر حكم عليه، والمحكوم به لا يعطف على المحكوم عليه، كما لا يعطف الخبر على المبتدأ، وقد يخدش في قولنا: إن الخبر لا تدخله الواو أن الأخفش في طائفة جوز دخول الواو في خبر كان وأخواتها إذا كان جملة، وقال ابن مالك: إن ذلك جائز في خبر ليس إذا كان جملة موجبة بإلا، وكذلك في خبر كان بعد نفى، وأنشدوا:
  ليس شئ إلّا وفيه إذا ما ... قابلته عين البصير اعتبار(١)
  وقوله:
  ما كان من بشر إلّا وميتته ... محتومة لكن الآجال تختلف(٢)
  وقوله:
  فظلّوا ومنهم سابق دمعه له ... وآخر يبقى دمعة العين بالمهل(٣)
(١) البيت من الخفيف وهو بلا نسبة في الدرر ٢/ ٦٧ وهمع الهوامع ١/ ١١٦.
(٢) البيت من البسيط وهو بلا نسبة في الدرر ٢/ ٦٨، وهمع الهوامع ١/ ١١٦.
(٣) البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص ١٤١، وبلا نسبة في الدرر ٢/ ٦٦، وهمع الهوامع ١/ ١١٦.