عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الأول: علم المعاني

صفحة 613 - الجزء 1

  وإما بالتكميل، ويسمى الاحتراس - أيضا - وهو أن يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفعه؛ كقوله من [الكامل]:

  فسقى ديارك غير مفسدها ... صوب الرّبيع وديمة تهمى

  ونحو: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ}⁣(⁣١).


  ص: (وإما بالتكميل إلى آخره).

  (ش): التكميل ويسمى الاحتراس أيضا، وهو أن يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفع ذلك التوهم. وهو ضربان: ضرب يتوسط الكلام أي: يقع بين المسند والمسند إليه، نحو قول طرفة يمدح قتادة:

  فسقى ديارك غير مفسدها ... صوب الرّبيع وديمة تهمى⁣(⁣٢)

  لأن قوله: فسقى ديارك صوب الربيع، يفهم منه أن المراد: سقاها ما لا يفسد؛ ولكن الإطلاق قد يوهم ما هو أعم، أو أنه دعاء عليه، فصرف هذا الوهم بقوله: غير مفسدها، ولهذا عيب على القائل:

  ألا يا اسلمى يا دارمىّ على البلى ... ولا زال منهلّا بجرعائك القطر⁣(⁣٣)

  حيث لم يأت بهذا القيد، والعيب عليه عيب؛ لأن البيت موافق لقوله سبحانه وتعالى: {يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً}⁣(⁣٤) وضرب يقع في آخره، كقوله سبحانه: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ} لنفى ذلك، لا يقال: أعزة على


(١) سورة المائدة: ٥٤.

(٢) البيت من الكامل وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٨٨، وتخليص الشواهد ص ٢٣١، والدرر ٤/ ٩، ومعاهد التنصيص ١/ ٣٦٢، وبلا نسبة في لسان العرب ١٥/ ٣٦٥ (همى)، وهمع الهوامع ١/ ٢٤١.

(٣) البيت من الطويل هو لذي الرمة في ديوانه ص ٥٥٩، والإنصاف ١/ ١٠٠ وتخليص الشواهد ص ٢٣١، ٢٣٢، والخصائص ٢/ ٢٨٧، والدرر ٢/ ٤٤، ٤/ ٦١، وشرح التصريح ١/ ١٨٥، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٦١٧، والصاحبى في فقه اللغة ص ٢٣٢، واللامات ص ٣٧، ولسان العرب (يا) ومجالس ثعلب ١/ ٤٢، والمقاصد النحوية ٢/ ٦، ٤/ ٢٨٥، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٢٣٥، وجواهر الأدب ص ٢٩٠، والدرر ٥/ ١١٧، وشرح الأشمونى ١/ ١٧٨، وشرح ابن عقيل ص ١٣٦، وشرح عمدة الحافظ ص ١٩٩، وشرح قطر الندى ص ١٢٨، ولسان العرب ١٥/ ٤٣٤ (ألا)، ومغنى اللبيب ١/ ٢٤٣، ١/ ١١١، ٢/ ٤، ٧٠.

(٤) سورة هود: ٥٢.