عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الأول: علم المعاني

صفحة 615 - الجزء 1

  وإما بالاعتراض، وهو أن يؤتى في أثناء كلام أو بين كلامين متصلين [ب] معنى بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب،


  نعْمَتِي}⁣(⁣١) لما كانت أركان الدين وجد منها الجزء الأخير إذ ذاك، استعمل فيه لفظ الكمال. ولما كانت نعم الله حاصلة للمؤمنين قبل ذلك اليوم غير ناقصة، استعمل فيها الإتمام لأنه زيادة على نعم الله التي كانت قبل ذلك كاملة. فإن تم هذا، ظهر وجه تسمية الأول بالتكميل؛ لأنه يدفع إيهام غير المراد، وذلك كالجزء من المراد، لأن الكلام إذا أوهم خلاف المراد، كان كالذي دلالته ناقصة بخلاف التتميم.

  ص: (وإما بالاعتراض إلى آخره).

  (ش): الإطناب يكون أيضا بالاعتراض في أثناء كلام، أو بين كلامين متصلين معنى أي: يكون اتصالهما معنويا، سواء أكان لفظيا، أو لا بجملة، أو أكثر، لا محل لها من الإعراب لنكتة سوى دفع الإيهام أي: الذي ذكر في التكميل.

  وقول المصنف: (لا محل لها من الإعراب) اعتراض، وتقرير كلامه بجملة لا محل لها من الإعراب، أو أكثر كذلك وكون الواقع بين الكلامين المتصلين معنى لا لفظا جملة اعتراضية هو اصطلاح أهل المعاني، لنظرهم إلى المعنى. أما النحاة فلا يسمونها اعتراضية، حتى يكون ما قبلها وما بعدها، بينهما اتصال لفظي. والزمخشري يكثر منه ذكر الاعتراض في شئ بين كلامين، بينهما اتصال معنوي، فيعترض عليه النحاة، بأنه ليس ذلك باعتراض. ولا اعتراض عليه، لأنه يمشى على اصطلاح أهل هذا العلم ما أمكنه.

  وقول المصنف: (أو أكثر) هو صحيح فيما وقع بين كلامين بينهما اتصال معنوي فقط. فإن كان بينهما اتصال لفظي، فكذلك عند الجمهور، خلافا لأبى على، ودليل الجواز قول زهير:

  لعمرك والخطوب مغيرات ... وفى طول المعاشرة التغالى

  لقد باليت مظعن أمّ أوفى ... ولكنّ أمّ أوفى لا تبالى⁣(⁣٢)


(١) سورة المائدة: ٣.

(٢) البيتان من الوافر: وهما لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٣٤٢، وكتاب العين ١/ ٢٤٨، وشرح شواهد المغنى ٢/ ٨٢١، واللامات ص ٨٤، وبلا نسبة في مغنى اللبيب ٢/ ٣٩٥.