عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الثاني علم البيان

صفحة 13 - الجزء 2

  ثم اللفظ المراد به لازم ما وضع له: إن دلّت⁣(⁣١) قرينة على عدم إرادته، فمجاز؛ وإلّا فكناية.


  كانت دلالته على كل منهما تضمنا، وقد يقصد المتكلم التشبيه بجامع جزء الحقيقة الواضح، أو جزئها الخفي، أو غير ذلك من الاعتبارات.

  ثم اعلم أن معنى كلام المصنف وغيره أن هذه الطرق لا تتأتى بالوضعية فقط، بل تتأتى بالعقلية إما فقط، أو مع الوضعية؛ لأن المدلول الوضعي فيه إحدى الدلالات المتفاوتة.

  ص: (ثم اللفظ إلى آخره).

  (ش): لما كانت الطرق تتعلق بالدلالات العقلية، وهي لا بد فيها من انتقال من لازم إلى ملزوم أو عكسه، احتاج إلى ذكر تقسيم، يعلم به ما حصل فيه الانتقال، وهو المجاز والكناية.

  اعلم أن تحقيق الفرق بين الكناية والمجاز، من أهم ما نحن بصدده في هذا الفن.

  وقد رأيت غالب المصنفين في هذا الفن خبط فيه، ولم يحققه أحد، وها أنا أذكر تحقيقه، على ما يقتضيه النظر الصحيح، ما بين كلام للوالد في تصنيف لطيف، وما استخرجته بالفكر:

  اعلم أن مراد المتكلم يطلق على أمرين:

  الأول: المعنى الذي استعمل له اللفظ الذي نطق به، حقيقة كان، أم مجازا، فإن استعمله فيما وضعته العرب له فهو الحقيقة، وإن استعمله في غير ما وضعته له فهو مجاز.

  الثاني: معنى وراء ذلك، فإن من تكلم بكلام وأراد به معنى، تارة يكون ذلك المعنى مقصودا لذاته، وتارة يكون مقصودا لغيره، كالوسيلة بأن يكون وراء ما هو له كالعلة الغائية، ويكون ذكر ما ذكره توطئة لذلك المقصود. فكل من الحقيقة والمجاز المذكورين أولا، قد يكون مرادا لنفسه، وقد يكون مرادا لغيره. فالأقسام أربعة:


(١) وفي بعض النسخ (قامت).