عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الثاني علم البيان

صفحة 76 - الجزء 2

  


  ابن دقيق العيد في شرح العمدة عند الكلام على قوله: «رأيت النبي يتوضأ نحو وضوئى هذا»، وفي شرح الإلمام أيضا لفظ النحو والمثل ليسا مترادفين، فلفظ المثل دال على المساواة بين الشيئين، إلا فيما لا يقع التعدد إلا به هذا حقيقته، ويستعمل مجازا فيما دون ذلك، ولفظ النحو يدل على المقاربة في الفعل لا على المماثلة، وإن استعمل في المثل فبملاحظة معنى آخر، هذه عبارته في شرح الإلمام، فإن كان | أخذ ذلك نقلا عن اللغة فلا كلام، وإن كان أخذ كون المثل كذلك من كلام المنطقيين ففيه نظر؛ لأن الظاهر أن ذلك اصطلاح لهم ويؤيده كثرة ما ورد من التشبيه بمثل ذلك في شئ واحد لا من كل وجه، كقوله تعالى: {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ}⁣(⁣١)، وقوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}⁣(⁣٢) و {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ}⁣(⁣٣) و {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها}⁣(⁣٤) و {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ}⁣(⁣٥) و {لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ}⁣(⁣٦) و {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا}⁣(⁣٧) ففي كل من هذه الآيات الكريمة قصد نوع من المماثلة لا كل نوع، قال ابن رشيق في العمدة: التشبيه سواء كان بالكاف أو كأن أو غيرهما لا يكون من جميع الجهات، بل من جهة أو جهات، ومما يدل على أن كلمة مثل لمطلق المشابهة قول النحاة:

  إنها لا تتعرف بالإضافة لتوغلها في الإبهام، لأنك إذا قلت: زيد مثل عمرو.

  احتمل أن يكون مثله في جنسه أو صفته الظاهرة أو الباطنة فهي صادقة على كل مماثلة في شئ ما فلا تكون معرفة.

  نعم إذا أريد بكلمة مثل المشابهة من كل وجه ينبغي أن يقال: تتعرف بالإضافة الثالثة كلمة المشابهة، فإذا قلت: زيد شبيه عمرو. كان معناه أنه شابهه من كل وجه مبالغة؛ ولذلك تعرفت بالإضافة بخلاف مثل ذكره في شرح التسهيل.


(١) سورة النساء: ١٤٠.

(٢) سورة البقرة: ٢٣.

(٣) سورة هود: ١٣.

(٤) سورة البقرة: ١٠٦.

(٥) سورة البقرة: ١٩٤.

(٦) سورة البقرة: ٢٢٨.

(٧) سورة البقرة: ٢٧٥.