الفن الثاني علم البيان
  والثاني: بيان الاهتمام به؛ كتشبيه الجائع وجها كالبدر في الإشراق، والاستدارة بالرغيف؛ ويسمّى هذا إظهار المطلوب.
  الصلاة والسّلام -: «والبكر تستأمر وإذنها صماتها»(١) إن قدرت فيه أداة التشبيه، ويمكن أن يجعل منه قوله:
  لعاب الأفاعي القاتلات لعابه
  بقي هنا سؤال وهو أن قلب التشبيه كيف يكون محصلا للمبالغة في النفي والاستفهام في نحو: {أَ فَمَنْ يَخْلُقُ} وفي نحو: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ} ونفى الأبلغ لا يستلزم نفى ما دونه، وقد يجاب بأنا نقدر النفي داخلا قبل القلب، فأصله ليس زيد كالأسد ثم بولغ في نفى التشبيه.
  (تنبيه): قال حازم في المنهاج: شرط في جواز عكس التشبيه أن يجتمع في المتشابهين أوصاف ثلاثة أو اثنان، منها وهو المقدار واللون والهيئة، وهو غريب، ويرد عليه بعض المثل السابقة. وقال أيضا: أنه إذا استويا في وجه الشبه، وأحدهما في نفسه عظيم، والآخر حقير شبه الحقير بالعظيم عند إرادة التعظيم، وشبه العظيم بالحقير عند إرادة التحقير.
  الثاني: بيان الاهتمام بالمشبه به لفظا، ومعنى كالجائع إذا شبه وجها كالبدر في الإشراق، والاستدارة بالرغيف، ويسمى هذا الوجه إظهار المطلوب، قال السكاكى: ولا يحسن المصير إليه إلا في مقام الطمع في شئ وفي حصر الاهتمام في الطمع وإظهار المطلوب نظر، وإنما جاز ذلك فيما نحن فيه لخصوص المادة. قال السكاكى والمصنف:
  وهذا كما يحكى في قول شخص حين سمع:
  وعالم يعرف بالسجزي ... أشهى إلى النّفس من الخبز
  وذكر الحكاية، وقد يعترض عليه بأن هذا أفعل تفضيل، لا تشبيه، وقد يجاب بأمرين:
  أحدهما: أنه ليس المراد أنه تشبيه بل تمثيل؛ لأن الإنسان يسرى ذهنه لما فيه.
  والثاني: أنه قد يجعل أفعل التفضيل كله تشبيها كما تقدم عن الطيبي.
(١) صحيح بنحوه في صحيح الجامع (ح ٣٠٨٣)، والصحيحة (ح ١٨٠٧).