عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الثاني علم البيان

صفحة 86 - الجزء 2

  والثاني: بيان الاهتمام به؛ كتشبيه الجائع وجها كالبدر في الإشراق، والاستدارة بالرغيف؛ ويسمّى هذا إظهار المطلوب.


  الصلاة والسّلام -: «والبكر تستأمر وإذنها صماتها»⁣(⁣١) إن قدرت فيه أداة التشبيه، ويمكن أن يجعل منه قوله:

  لعاب الأفاعي القاتلات لعابه

  بقي هنا سؤال وهو أن قلب التشبيه كيف يكون محصلا للمبالغة في النفي والاستفهام في نحو: {أَ فَمَنْ يَخْلُقُ} وفي نحو: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ} ونفى الأبلغ لا يستلزم نفى ما دونه، وقد يجاب بأنا نقدر النفي داخلا قبل القلب، فأصله ليس زيد كالأسد ثم بولغ في نفى التشبيه.

  (تنبيه): قال حازم في المنهاج: شرط في جواز عكس التشبيه أن يجتمع في المتشابهين أوصاف ثلاثة أو اثنان، منها وهو المقدار واللون والهيئة، وهو غريب، ويرد عليه بعض المثل السابقة. وقال أيضا: أنه إذا استويا في وجه الشبه، وأحدهما في نفسه عظيم، والآخر حقير شبه الحقير بالعظيم عند إرادة التعظيم، وشبه العظيم بالحقير عند إرادة التحقير.

  الثاني: بيان الاهتمام بالمشبه به لفظا، ومعنى كالجائع إذا شبه وجها كالبدر في الإشراق، والاستدارة بالرغيف، ويسمى هذا الوجه إظهار المطلوب، قال السكاكى: ولا يحسن المصير إليه إلا في مقام الطمع في شئ وفي حصر الاهتمام في الطمع وإظهار المطلوب نظر، وإنما جاز ذلك فيما نحن فيه لخصوص المادة. قال السكاكى والمصنف:

  وهذا كما يحكى في قول شخص حين سمع:

  وعالم يعرف بالسجزي ... أشهى إلى النّفس من الخبز

  وذكر الحكاية، وقد يعترض عليه بأن هذا أفعل تفضيل، لا تشبيه، وقد يجاب بأمرين:

  أحدهما: أنه ليس المراد أنه تشبيه بل تمثيل؛ لأن الإنسان يسرى ذهنه لما فيه.

  والثاني: أنه قد يجعل أفعل التفضيل كله تشبيها كما تقدم عن الطيبي.


(١) صحيح بنحوه في صحيح الجامع (ح ٣٠٨٣)، والصحيحة (ح ١٨٠٧).