الفن الثاني علم البيان
  أو مفروق؛ كقوله [من السريع:]
  النّشر مسك والوجوه دنا ... نير وأطراف الأكفّ عنم
  وإن تعدّد طرفه الأول: فتشبيه التسوية؛ كقوله [من المجتث]:
  صدغ الحبيب وحالي ... كلاهما كالليالى
  عوده إلى كل واحد من القلوب، فلا حاجة إلى توزيع الحالين على القلوب، ومما يرجح ذلك إفراد الحالتين في قوله: (رطبا ويابسا) أي كأن كل قلب رطبا ويابسا، لا يقال: هو متعدد باعتبار أنه جمع؛ لأن ذلك يقضى بأن يكون قولنا: أياد كالبحار تشبيه متعدد بمتعدد، فيلزم أن يكون: وكأن أجرام النجوم ... البيت، تشبيه متعدد بمتعدد، وليس كذلك، وسيأتي قريبا ما يدل على ما قلناه صريحا.
  والثاني: يسمى المفروق، وهو ما ذكر فيه المشبه والمشبه به، ثم ذكر مشبه ثان ومشبه به، كقول المرقش الأكبر:
  النشر مسك، والوجوه دنا ... نير، وأطراف الأكفّ عنم(١)
  شبه النشر وهو عرف الرائحة بالمسك، وكذلك ما بعده، والعنم شجر لين يشبه به أكف الجواري، وقيل: هو ورق، وضبطه بالغين المعجمة تصحيف، وهو تشبيه محذوف الأداة.
  واعلم أن في تسمية هذا القسم تشبيها تعدد طرفاه نظرا لأن هذه تشبيهات متعددة، لا تشبيه واحد متعدد الأطراف.
  القسم الثالث: أن يتعدد طرف التشبيه الأول - أي المشبه دون المشبه به - فيسمى تشبيه التسوية؛ لأنك سويت بين أشياء متعددة في التشبيه بشئ واحد، وهو قوله:
  صدغ الحبيب وحالي ... كلاهما كالليالى
  وثغره في صفاء ... وأدمعى كاللآلى(٢)
(١) البيت من السريع، وهو للمرقش الأكبر في ديوانه ٥٨٦، وتاج العروس ١٤/ ٢١٤ (نشر)، وأساس البلاغة (نشر)، ولسان العرب ٥/ ٢٠٦ (نشر).
(٢) البيتان من المجتث، وهو بلا نسبة في تاج العروس ٢٢/ ٥٢٤ (صدغ).