مقدمة في بيان معنى الفصاحة والبلاغة.
  ... .....
  مضافا كقوله ﷺ: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الحازم من إحداكن»(١) أو مضافا إليها، كقول جرير:
  يصرعن ذا اللّبّ حتّى لا حراك ... وهنّ أضعف خلق الله أركانا(٢)
  وكذلك الأرجاء تحسن مجموعة كقوله تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها}(٣) ولا تحسن مفردة إلا مضافة، كقولنا: رجا البئر، وكذلك الأصواف تحسن مجموعة نحو قوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوافِها}(٤) ولا تحسن مفردة، كقول أبى تمام:
  فكأنّما لبس الزّمان الصّوفا(٥)
  ومما يحسن مفردا ويقبح مجموعا المصادر كلها، وكذلك طيف وطيوف وبقعة وبقاع، وإنما يحسن جمعها مضافا مثل بقاع الأرض.
  (تنبيه): رتب الفصاحة متقاربة، وإن الكلمة تخف وتثقل بحسب الانتقال من حرف إلى حرف لا يلائمه قربا أو بعدا، فإن كانت الكلمة ثلاثية فتراكيبها اثنا عشر:
  الأول: الانحدار من المخرج الأعلى إلى الأوسط إلى الأدنى، نحو ع د ب.
  الثاني: الانتقال من الأعلى إلى الأدنى إلى الأوسط نحو ع م د.
  الثالث: من الأعلى إلى الأدنى إلى الأعلى نحو ع م هـ -.
  الرابع: من الأعلى إلى الأوسط إلى الأعلى نحو ع ل هـ -.
  الخامس: من الأدنى إلى الأوسط إلى الأعلى نحو م ل ع.
  السادس: من الأدنى إلى الأعلى إلى الأوسط نحو ب ع د.
  السابع: من الأدنى إلى الأعلى إلى الأسفل نحو ف ع م.
  الثامن: من الأدنى إلى الأوسط إلى الأدنى نحو ف د م.
  التاسع: من الأوسط إلى الأعلى إلى الأدنى نحو د ع م.
(١) أخرجه البخاري في «الحيض»، باب: ترك الحائض الصوم، (١/ ٤٨٣)، (ح ٣٠٤)، في مواضع أخر من صحيحه.
(٢) البيت من البسيط، وهو لجرير في الأغانى ٧/ ٣٢٥.
(٣) سورة الحاقة: ١٧.
(٤) سورة النحل: ٨٠.
(٥) عجز بيت من الكامل، وهو لأبى تمام في ديوانه ص ١٩٤. وصدره:
كانوا برود زمانهم فتصدعوا