عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

التشبيه

صفحة 113 - الجزء 2

  وباعتبار أداته: إما مؤكّد، وهو ما حذفت أداته؛ مثل قوله تعالى: {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ}⁣(⁣١)، ومنه نحو [الكامل]:

  والرّيح تعبث بالغصون وقد جرى ... ذهب الأصيل على لجين الماء

  أو مرسل، وهو بخلافه؛ كما مر.

وباعتبار الغرض:

  إما مقبول، وهو الوافي بإفادته؛ كأن يكون المشبّه به أعرف شئ بوجه الشبه في بيان الحال ...


  وهذا البيت مشهور على هذا الوجه، لكن قال ابن رشيق في العمدة: إن رواية أكثر أهل الأندلس والمغرب:

  كأنّما يبسم عن لؤلؤ ... أو فضّة، أو برد، أو أقاح

  فيكون المشبه به أربعة.

  ص: (وباعتبار أداته إلى آخره).

  (ش): التشبيه باعتبار أداته، وهو التقسيم الثالث قسمان: مؤكد، ومرسل. فالمؤكد ما حذفت أداته، كقوله تعالى: {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ} أي تمر كمر السحاب، ومنه قوله:

  والريح تعبث بالغصون، وقد جرى ... ذهب الأصيل على لجين الماء⁣(⁣٢)

  وفي جعل هذا منه نظر؛ لأن هذا استعارة، لا تشبيه، ولا ينجى من ذلك قوله:

  (ومنه)؛ لأن الضمير عائد إلى التشبيه، وإنما هذا تشبيه معنوي ليس الكلام فيه، والمراد بالأصيل قريب الغروب، فإن الشمس فيه يكون شعاعها أصفر كالذهب، واللجين بضم اللام: الفضة، وقول الخطيبي: إن اللجين في البيت بفتح اللام، وهو الورق المتناثر عند الخبط ليس صحيحا، ويسمى هذا القسم مؤكدا لتأكده بحذف الأداة كما سيأتي، والمرسل بخلافه، أي: ما ذكرت أداته كما مر.

  ص: (وباعتبار الغرض إلى آخره).

  (ش): هذا التقسيم الرابع، فالتشبيه باعتبار الغرض إما أن يكون مقبولا، أو مردودا.


(١) سورة النمل: ٨٨.

(٢) البيت من الكامل، وهو لابن خفاجة في ديوانه ١٨، وبلا نسبة في تاج العروس ١/ ٥٩.