الفن الثاني علم البيان
  وتسميته(١) باسم سببه؛ نحو: رعينا الغيث، ...
  إطلاق اسم جزء المرسل على كله، ويكون جعله عين من أرسله بمعنى: هو الذي أرسله، ومثل في الإيضاح بقوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ}(٢) فأطلق القيام، وهو جزء الصلاة عليها لكونه أظهر أركانها، وكذلك قوله تعالى: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً}(٣) وكذلك قوله ﷺ: «من قام رمضان»،(٤) «من قام ليلة القدر»(٥) ومنه تسمية النافلة سبحة.
  وقوله: «وعكسه» إشارة إلى القسم الثاني: وهو إطلاق الكل على الجزء، كاستعمال الأصابع في الأنامل في قوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ}(٦) أي:
  أناملهم، دل عليه أن العادة أن الإنسان لا يضع جميع أصابعه في أذنه، ومنه:
  «قطعت السارق»، وإنما قطعت يده ومثله الأصوليون بقوله ø: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين»(٧) أي: الفاتحة (قوله: وتسميته باسم سببه) إشارة إلى القسم الثالث وهو تسمية الشئ باسم سببه، نحو: «رعينا الغيث»؛ أي: النبات فسمى النبات غيثا، لأن الغيث سبب النبات، ومنه تسمية اليد قدرة، فإن اليد سبب القدرة، وجعل منه في الإيضاح قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ}(٨) سمى جزاء الاعتداء اعتداء، من إطلاق اسم السبب على المسبب ومنه قوله تعالى: {وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ}(٩) البلاء مجاز عن العرفان ومنه قول عمرو بن كلثوم:
  ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا(١٠)
(١) أي: تسمية الشئ.
(٢) سورة المزمل: ٢.
(٣) سورة التوبة: ١٠٨.
(٤) أخرجه البخاري في «الإيمان»، (ح ٣٧)، ومسلم (ح ٧٥٩).
(٥) أخرجه البخاري في «التراويح»، (ح ٢٠١٤)، ومسلم (ح ٧٦٠).
(٦) سورة البقرة: ١٩.
(٧) أخرجه مسلم (ح ٣٩٥).
(٨) سورة البقرة: ٩٤، يمكن أن تعد الآية كذلك من قبيل المشاكلة، نحو قوله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها، انظر التبيان للطيبي بتحقيقى ٢/ ٣٩٩.
(٩) سورة محمد: ٣١.
(١٠) عمرو بن كلثوم من أصحاب المعلقات، وإن كان مقلا.