كقوله [من الطويل]:

  لدى أسد شاكي السّلاح مقذّف

  أي: رجل شجاع،

  أمرا تحقيقيا إما حسا أو عقلا، ومصرح بها خيالية وهي أن يكون المشبه المتروك أمرا وهميا لا تحقق له في الخارج، واستعارة غير مصرح بها وهي الاستعارة بالكناية وهو ذكر المشبه مرادا به المشبه به مثل:

  وإذا المنيّة أنشبت أظفارها⁣^(⁣١)

  هذه طريق السكاكى، فالاستعارة عنده حينئذ ثلاثة أقسام كلها مجاز، والمصنف يرى أن الاستعارة على التحقيق مع التحقيقية. أما الاستعارة بالكناية: فليست عنده استعارة في الحقيقة؛ لأن المنية عنده مستعملة في موضوعها كما سيأتي. وأما التخييلية: وهو ما إذا كان المشبه وهميا؛ فلأنها عنده لا تستعمل إلا تبعا للاستعارة بالكناية وسيأتي إفرادها بالذكر فلذلك أطلق هذا الفصل، ثم قال: «وقد تقيد بالتحقيقية» أي بناء على انقسامها إلى النوعين فيفيد حينئذ التخصيص؛ لإفراد تلك بفصل، أو بقيد للإيضاح، إن مشينا على رأيه وعلى القولين فنجعل هذا الباب مقصورا على الاستعارة التحقيقية، وإنما تقيد بالتحقيقية لتحقق معنى الاستعارة فيها؛ لأن المشبه في غيرها ليس محققا، وما ليس محققا ليس جديرا بأن يستعار له لفظ موضوع لغيره، ويحتمل أن يكون التقدير سميت تحقيقية لتحقق معناها، أي معنى الاستعارة وهو المشبه، وتحقق ذلك المعنى تارة يكون حسا وتارة يكون عقلا، فالحسى كإطلاق الأسد على الرجل الشجاع في نحو قول زهير:

  لدى أسد شاكي السّلاح مقذّف ... له لبد أظفاره لم تقلّم⁣^(⁣٢)

(١) في الإيضاح بتحقيقى ص: ٢٧٧: والبيت من الكامل، وهو لأبى ذؤيب في شرح أشعار الهذليين / ٨، وتهذيب اللغة ١١/ ٣٨٠، ١٤/ ٢٦٠ وفي سمط اللآلئ ص ٨٨٨، وأماني القالى ٢/ ٢٥٥، وكتاب الصناعتين ص ٢٨٤، وللهذلى في لسان العرب ١٢/ ٧٠ (تمم)، وبلا نسبة في لسان العرب ١/ ٧٥٧ (منشب)، وتاج العروس ٤/ ٢٦٨ (نشب)، (تمم).

(٢) البيت لزهير في ديوانه ص ٢٣، من معلقته المشهورة التي يمتدح فيها الحارث بن عوف، وهرم بن سنان. انظر الإيضاح بتحقيقى ص ٢٥٤، والطراز ج ١ ص ٢٣٢.