الفن الثاني علم البيان
  والترشيح أبلغ؛ لاشتماله على تحقيق المبالغة، ومبناه على تناسى التشبيه، حتّى إنه يبنى على علوّ القدر ما يبنى على علوّ المكان؛
  الطرفين، ولم يفعل، بل ذكر أن الجامع حسى، وعقلي، وبعضه حسى، وبعضه عقلي، مريدا بما بعضه حسى، وبعضه عقلي، ما كان له جامعان: أحدهما حسى، والآخر عقلي، أورد على السكاكى كونه أسقط هذا القسم، فما أورده على السكاكى وارد على نفسه، والحق أنه لا يرد عليهما إلا على الطريق السابقة، ثم ومنها قوله: إن المطلقة ما لم تقترن بوصف، وليس كذلك مطلقا، بل لم تقترن بوصف ملائم للمعنى الذي به الاستعارة بالنسبة إلى أحد الطرفين، احترازا من قولك: «رأيت أسدا بحرا» فإن الاستعارة الأولى اقترنت بوصف، ولم تخرج بذلك عن كونها مطلقة مقرونة باستعارة أخرى، ومنها أن قوله في بيت كثير وهو: «غمر الرداء» البيت، أنها مجردة قد يمنع على ما سبق، ومنها أن اجتماع الترشيح والتجريد ليس من شرطه أن تذكر أوصاف بعضها يلائم المستعار له، وبعضها يلائم المستعار منه، بل قد يكون بوصف واحد يلائمهما.
  التنبيه الثالث: قول المصنف في هذا الباب: الاقتران بما يلائم المستعار له، أو المستعار منه، أحسن من قول السكاكى، فإنه جعل المرشحة والمجردة ما عقبت بما يلائم، وهو يقتضى أن الوصف الملائم لا بد أن يكون متأخرا، وهو فاسد، فإنه لا فرق بين أن يتأخر أو يتقدم، كقوله: غمر الرداء، ولما رأى الشيرازي هذا الكلام ظاهر الفساد أوله على أن المراد بالتعقيب الزيادة، على معنى الاستعارة، سواء أكان المعقب قبل المستعار أم بعده، أم كان بعضه بعده وبعضه قبله، قال: كالأمثلة التي ذكرها المصنف، فإنها كلها من هذا القبيل. قلت: وجميع الأمثلة التي ذكرها السكاكى كلها ليس فيها ترشيح إلا بعد الاستعارة. بخلاف ما قاله الشيرازي.
  الترشيح أبلغ من التجريد: ص: (والترشيح إلخ).
  (ش): الترشيح أبلغ من التجريد فتكون الاستعارة المقرونة بما يلائم المستعار منه أبلغ من المقرونة بما يلائم المستعار له، وإنما كان الترشيح أبلغ من التجريد؛ لاشتماله على تحقيق المبالغة، ولهذا كان مبناه على تناسى التشبيه. قال المصنف: حتى إنه يبنى على علو القدر ما يبنى على علو المكان، كقوله وهو أبو تمام: