عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الثاني علم البيان

صفحة 218 - الجزء 2

  مع خفاء -: الرمز، وبلا خفاء: الإيماء والإشارة.

  ثم قال: والتعريض قد يكون مجازا؛ كقولك: آذيتني فستعرف وأنت تريد إنسانا مع المخاطب دونه، وإن أردتهما جميعا كان كناية، ولا بدّ فيهما من قرينة.


  (مع خفاء) أي نوع من الخفاء فالمناسب لها اسم (الرمز)، وذلك نحو: «عريض القفا» كناية عن الأبله ووجه مناسبته أن الرمز الإشارة إلى قريب منك خفية بالشفتين، أو الحاجب، أو العين. (قوله: وإلا) أي وإن قلت: الوسائط ولم يكن نوع من الخفاء (فالمناسب أن يسمى بالإيماء أو الإشارة، ثم قال) أي السكاكى: (والتعريض) كما يكون كناية قد يكون مجازا، كقولك: «آذيتني فستعرف» وأنت لا تريد المخاطب بل (تريد إنسانا) يسمع دونه، (وإن أردتهما جميعا كان كناية) قوله: (ولا بد فيهما من قرينة) ظاهر عبارته أنه لا بد في هذا المجاز وهذه الكناية من قرينة، وبه شرح الخطيبي كلامه، وفيه نظر؛ لأن كلا من المجاز والكناية بجميع أنواعهما لا بد له من قرينة كما قدمناه. قال الشيرازي وتبعه الخطيبي: التعريض على سبيل الكناية أن تكون العبارة مشابهة للكناية مشتركة في بعض صفاتها كما في المثال المذكور، فإنه ليس فيه تصور لازم، ولا ملزوم، ولا انتقال من لازم لملزوم إلا أن فيه سمة من الكناية، وهي أن تاء الخطاب مستعملة فيها هي موضوعة له، مرادا منه ما ليس بموضوع، وهو الإنسان الآخر. قلت: فيه نظر، بل هو حقيقة الكناية وفيه الانتقال، ولو لم يحصل الانتقال لما حصل التعريض، بل الانتقال موجود، لأن اللازم قد يكون لزومه بالقرائن الحالية، وأيضا، فإن قوله: «آذيتني فستعرف» ناطق بالوعيد المترتب على الأذى مخاطبا به المخاطب، وترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية، وذلك يقتضى بأن الأذى ملزوم للمعرفة، فكان وعيد المخاطب لازما لوعيد المؤذى لاشتراكهما في الأذى، ثم قال الشيرازي: أما إذا أردت غير المخاطب وحده فيكون المثال مثل المجاز، لاستعمال التاء فيما هو غير موضوعة له، لا أنه مجاز حقيقة لتوقفه على الانتقال من الملزوم إلى اللازم ولا انتقال هنا من ملزوم إلى لازم، قلت: وفيه نظر لما سبق من أن اللازم والملزوم موجود ولولاه لما حصل انتقال، ولكان ذلك استعمالا للفظ في غير موضوعه لا لعلاقة، وهو خارج عن لغة العرب، لكن قول المصنف: «إن أرادها جميعا» كان كناية يقتضى أمرين: أحدهما: أن الكناية والمجاز في القسمين لأشبههما، كما شرح به الشيرازي كلام السكاكى، والثاني: أن الكناية أريد فيها المعنيان معا، وقد تقدم في كلامه