وهي ضربان: معنوى، ولفظي:
  نحو: {وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}(١)، وقوله [الوافر]:
  إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع
  بديع القرآن: «هو أن يكون ما تقدم من الكلام دليلا على ما تأخر أو بالعكس» ومثل المصنف للتسهيم بقوله تعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} فإنه لو وقف القارئ على أنفسهم؛ لفهم أن بعده يظلمون، وكذلك قول الشاعر:
  إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع(٢)
  وفي اشتراط العلم بحرف الروى نظر، فإن ذلك قد يعلم من حشو البيت الواحد، أو صدره، وإن لم يعلم الروى، ألا ترى أنك لو وقفت في هذا البيت على قوله: و «جاوزه إلى ما» لعلم أن تكميله (تستطيع) وكذلك ذكره ابن منقذ، وغيره، ولم يشترطوا فيه ذلك، ولذلك جعل منه الطيبي: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}(٣) وقال: إنه يدل على العنكبوت، ومن شرف الإرصاد، قول ابن نباتة الخطيب:
  خذها إذا نشدت في القوم من طرب ... صدورها عرفت فيها قوافيها(٤)
  وروى أنه لما بلغت قراءة النبي ﷺ {ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ}(٥) قال عبد اللّه بن أبي سرح: {فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ}(٦) فقال النبي ﷺ «كذلك أنزلت»(٧) فكان ذلك سبب ردّة المذكور.
(١) سورة العنكبوت: ٤٠.
(٢) البيت لعمرو بن معد يكرب الزبيدي، انظر الإيضاح ص ٣٤٧، شرح عقود الجمان ج ٢ ص ٧٨، التلخيص ص ٨٨.
(٣) سورة العنكبوت: ٤١.
(٤) عقود الجمان ج ٢ ص: ٧٧، قاله يصف قصيدته.
(٥) سورة المؤمنون: ١٤.
(٦) سورة المؤمنون: ١٤.
(٧) ورد هذا عن عمر - رضى اللّه عنه - وأصله في الصحيحين، وعن معاذ، وقال الحافظ ابن كثير في التفسير (٣/ ٢٤٣): وفي إسناده جابر بن زيد الجعفي ضعيف جدا وفي خبره هذا نكارة شديدة ... .