عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

وهي ضربان: معنوى، ولفظي:

صفحة 236 - الجزء 2

  نحو: {وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}⁣(⁣١)، وقوله [الوافر]:

  إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع


  بديع القرآن: «هو أن يكون ما تقدم من الكلام دليلا على ما تأخر أو بالعكس» ومثل المصنف للتسهيم بقوله تعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} فإنه لو وقف القارئ على أنفسهم؛ لفهم أن بعده يظلمون، وكذلك قول الشاعر:

  إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع⁣(⁣٢)

  وفي اشتراط العلم بحرف الروى نظر، فإن ذلك قد يعلم من حشو البيت الواحد، أو صدره، وإن لم يعلم الروى، ألا ترى أنك لو وقفت في هذا البيت على قوله: و «جاوزه إلى ما» لعلم أن تكميله (تستطيع) وكذلك ذكره ابن منقذ، وغيره، ولم يشترطوا فيه ذلك، ولذلك جعل منه الطيبي: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}⁣(⁣٣) وقال: إنه يدل على العنكبوت، ومن شرف الإرصاد، قول ابن نباتة الخطيب:

  خذها إذا نشدت في القوم من طرب ... صدورها عرفت فيها قوافيها⁣(⁣٤)

  وروى أنه لما بلغت قراءة النبي {ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ}⁣(⁣٥) قال عبد اللّه بن أبي سرح: {فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ}⁣(⁣٦) فقال النبي «كذلك أنزلت»⁣(⁣٧) فكان ذلك سبب ردّة المذكور.


(١) سورة العنكبوت: ٤٠.

(٢) البيت لعمرو بن معد يكرب الزبيدي، انظر الإيضاح ص ٣٤٧، شرح عقود الجمان ج ٢ ص ٧٨، التلخيص ص ٨٨.

(٣) سورة العنكبوت: ٤١.

(٤) عقود الجمان ج ٢ ص: ٧٧، قاله يصف قصيدته.

(٥) سورة المؤمنون: ١٤.

(٦) سورة المؤمنون: ١٤.

(٧) ورد هذا عن عمر - رضى اللّه عنه - وأصله في الصحيحين، وعن معاذ، وقال الحافظ ابن كثير في التفسير (٣/ ٢٤٣): وفي إسناده جابر بن زيد الجعفي ضعيف جدا وفي خبره هذا نكارة شديدة ... .