عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

وهي ضربان: معنوى، ولفظي:

صفحة 245 - الجزء 2

الاستخدام

  ومنه: الاستخدام؛ وهو أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما، ثمّ بالآخر الآخر، أو يراد بأحد ضميرين أحدهما، ثم بالآخر الآخر:

  فالأوّل: كقوله [من الوافر]:

  إذا نزل السّماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا

  والثاني: كقوله [من الكامل]:

  فسقى الغضى والسّاكنيه وإن هم ... شبّوه بين جوانحي وضلوعى


  وضرب لا يبلغ ذلك، كقول ابن الربيع:

  لولا التّطيّر بالخلاف وأنّهم ... قالوا مريض لا يعود مريضا

  لقضيت نحبى في فنائك خدمة ... لأكون مندوبا قضى مفروضا⁣(⁣١)

  وقال السكاكى: أكثر متشابهات القرآن تورية.

  قوله: (منه) أي ومن المعنوي (الاستخدام) قال: سمى استخداما؛ لأن الكلمة خدمت لمعنيين، وقال الخطيبي: يسمى الاستحدام بالحاء المهملة، وهو قسمان: الأول أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما سواء أكانا متساويين أم لا، ثم يؤتى بعده بضمير يعود في اللفظ عليه، وفي المعنى على معناه الآخر، مثاله قول معاوية بن مالك:

  إذا نزل السّماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا⁣(⁣٢)

  فإنه أراد بالسماء المطر، وأراد بالضمير في رعيناه النبات والنبات أحد معنيى السماء؛ لأنه مجاز عنه باعتبار أن المطر سببه، وسوغ عود الضمير على النبات - وإن لم يتقدم له ذكر - ذكر سببه، وهو السماء التي أريد بها المطر. الثاني: أن يراد بأحد ضميري اللفظ معنى، وبضميره الآخر آخر كقول البحتري:

  فسقى الغضا والساكنيه وإن هم ... شبوه بين جوانحي وضلوعى⁣(⁣٣)


(١) البيتان لابن الربيع عبد اللّه بن العباس في الإيضاح ص ٥٠١، الإشارات ص ٢٧٢، المصباح ص ٢٦١.

(٢) البيت من الوافر، وهو لمعود الحكماء (معاوية بن مالك) في لسان العرب ١٤/ ٣٩٩، (سما)، وللفرزدق في تاج العروس (سما)، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٣/ ٢٩٨، والمخصص ٧/ ١٩٥، ١٦/ ٣٠، وديوان الأدب ٤/ ٤٧، ورواية صدره: إذا سقط.

(٣) البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في تاج العروس (غفر).