عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

وهي ضربان: معنوى، ولفظي:

صفحة 254 - الجزء 2

  والثاني: كقوله [من البسيط]:

  قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم ... أو حاولوا النّفع في أشياعهم نفعوا

  سجيّة تلك منهم غير محدثة ... إنّ الخلائق - فاعلم - شرّها البدع

الجمع مع التفريق والتقسيم

  ومنه: الجمع مع التفريق والتقسيم؛ كقوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}⁣(⁣١)،


  فأتى بالجمع في الأول في قوله: تشقى به الروم، ثم قسم ذلك بالبيت الثاني، والثاني كقوله، أي حسان:

  قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم ... أو حاولوا النّفع في أشياعهم نفعوا⁣(⁣٢)

  سجيّة تلك منهم غير محدثة ... إنّ الخلائق فاعلم شرّها البدع

  قسم أولا صفة الممدوحين، ثم جمعها في الثاني، وقد يقال - أيضا -: ليس هذا نوعا زائدا، بل نوعان مجتمعان، لا يقال: هلا جعل هذا النوع من اللف والنشر؟ بأن يبدأ بالنشر، ثم يأتي باللف كما بدأ بالتقسيم، ثم أتى بالجمع، إذ لا مانع أن تقول: اسكنوا وابتغوا من فضل اللّه بالليل والنهار، لأنا نقول: لم يتقدم هنا أيضا إلا اللف نعم يمكن أن يقال: هلا جعل القسم الثاني من اللف كذلك؟ كقولنا: دخول اليهود الجنة، ودخول النصارى الجنة قاله الكفار، وقد يقال هذا.

  (ومنه الجمع مع التقسيم والتفريق كقوله تعالى: {لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}) فالجمع في قوله تعالى: لا تكلم نفس، لأن النفس عامة، لأنها نكرة في سياق النفي


(١) سورة هود: ١٠٥ - ١٠٨.

(٢) البيتان لحسان بن ثابت في ديوانه ص ١١٢ - ١١٣، والطراز ٣/ ١٤٤، والمصباح ٢٤٩، ودلائل الإعجاز ص ٩٤، ومعاهد التنصيص ١/ ٢٥٠، ونهاية الإيجاز ص ٢٩٦، ويروى: «تلك فيهم ...».