الفن الثالث: علم البديع
  وإن اختلفا في أعدادها، يسمّى ناقصا؛ وذلك إمّا بحرف في الأول؛ مثل: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ}(١)، أو في الوسط؛ نحو: جدّى جهدي،
  والسكون لا وجود له في الصورة كما أن الاختلاف بالتشديد والتخفيف لا وجود له في الصورة، وبما قلناه صرح المطرزي فقال: في أول شرح المقامات: وربما وقع الاختلاف بالحركة والسكون أو بالتشديد والتخفيف، كقولهم: البدعة شرك الشرك وقولهم: الجاهل مفرط أو مفرط(٢) ينبغي أن ينظر فيه إلى اللفظ، وهو مختلف بالضرورة، واعلم أن المصنف قسم في الإيضاح المحرف إلى: ما كان الاختلاف فيه في الحركة فقط، ومثله بمفرط، ومفرط نقلا عن السكاكى، ولا يصح ذلك، فإنهما مختلفان بالسكون لا بالحركة، فإن الفاء في مفرط ساكنة، وفي مفرط متحركة، كما سيأتي في الشرك والشرك، وهذا لا يرد على المصنف في التلخيص؛ لأنه أطلق أن مفرط ومفرط نحو: البرد والبرد، وهو صحيح؛ لأنه مثله في مطلق اختلاف الهيئة، ثم نقله عن السكاكى ليس بصحيح، فإن السكاكى مثل به لمطلق اختلاف الهيئة، ولم يمثل به لاختلاف الهيئة بالحركة. قوله:
  (وكقولهم) أي قول الناس: البدعة شرك الشرك هو مثال للقسم الثاني، وهو ما كان اختلافه بهيئة الحركة والسكون، أي بأن يكون الحرف الواحد في إحداهما متحركا وفي الأخرى ساكنا، كالراء في شرك وشرك، والاختلاف بالسكون فقط لا يمكن، إذ هو لا يختلف كالحركة. قوله: (وإن اختلفا في أعدادها) إشارة إلى القسم الثاني من أقسام الاختلاف، وهو القسم الثالث من الأصل، أي فإن اختلف اللفظان المتجانسان في عدد الحروف (سمى الجناس ناقصا) لأن اختلافهما في عدد الحروف يلزم منه نقصان أحدهما لا محالة (وذلك) النقصان إما بحرف واحد أو لا، والذي بحرف واحد، إما أن يكون الحرف الناقص هو الأول، وإليه أشار بقوله: (إما بحرف في الأول) ولو قال: أول صفة لحرف لكان أحسن كقوله تعالى: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ} فهو جناس نقص عن التمام الحرف الأول وهو الميم (أو) بحرف (في الوسط نحو: جدى جهدي) أي حظى، ولم ينظروا هنا إلى كون الحرف المشدد بحرفين،
(١) سورة القيامة: ٢٩ - ٣٠.
(٢) أو مفرط، وهي في الأصل «أومر مفرط» لعلها خطأ مطبعي.