عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الفن الثالث: علم البديع

صفحة 292 - الجزء 2

  والثاني: أن يجمعهما المشابهة؛ وهي ما يشبه الاشتقاق؛ نحو: {قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ}⁣(⁣١)


  وفي جعل بعض هذه الأمثلة من الاشتقاق الأصغر نظر (والثاني: أن يجمعهما المشابهة) يشير إلى ما إذا لم يكن بينهما اشتقاق أصغر بل كان بينهما ما يشبهه، وهو اشتقاق أكبر أي اتفاق في الحروف فقط من غير اشتراط الترتيب، نحو قوله تعالى: {إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ} وقوله تعالى: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ}⁣(⁣٢) فإن قال: والقالين يشبهان المشتقين بالاشتقاق الأصغر، وليس منه لأن القالين من القلى، وقال: من القول ومعناهما أيضا مختلف.

  (تنبيه): ذكر غير المصنف أنواعا من التجنيس، منها: التجنيس المعتل، وهو ما تقابل في لفظيه حرفا مدّ ولين متغايران أصليان أو زائدان، مثل: نار ونور، وشمال وشمول، ومنها التجنيس المقصور، نحو: سنا وسناء، ومثل: جنا وجناح، ومنها تجنيس التنوين إما مقصور، نحو: شجى وشجن، أو منقوص، نحو: مطاعن ومطاع، في قافية نونية ذكر ذلك كله حازم، ومنها تجنيس الإشارة، وسماه حازم تجنيس الرسالة، وهو أن يكنى عن إحدى الكلمتين، كقوله:

  إني أحبك حبا لو تضمنه ... سلمى سميك زل الشاهق الراسى⁣(⁣٣)

  أراد بسميها سلمى أحد جبلى طيئ، وجعل منه الزنجاني وعبد اللطيف البغدادي قوله:

  حلقت لحية موسى باسمه ... وبهارون إذا ما قلبا⁣(⁣٤)

  وكذلك قول الشماخ:

  وما أروى وإن كرمت علينا ... بأدنى من موقفة حرون⁣(⁣٥)


(١) سورة الشعراء: ١٦٨.

(٢) سورة الرحمن: ٥٤.

(٣) البيت من البسيط، وهو لدعبل في امرأته سلمى في شرح عقود الجمان (٢/ ١٤٨)، وفيه (دق) بدلا من (زل)، والعمدة لابن رشيق (١/ ٢٨٨) وفيه (ذاك) بدلا من (ذل).

(٤) البيت بلا نسبة في نهاية الإيجاز (ص ١٣١)، الطراز (٢/ ٣٧٢)، والتبيان (ص ٥١١)، وعقود الجمان (٢/ ١٤٧).

(٥) البيت من الوافر، وهو للشماخ في ديوانه (ص ٣١٩)، ولسان العرب (وقف)، (حرن)، ومجمل اللغة (٢/ ٢٥١)، وتاج العروس (وقف)، (حرت)، ومقاييس اللغة (٢/ ٤٧)، والمخصص (٨/ ٣٠)، (١٥/ ٢١٠)، والطراز (٢/ ٣٧٢).