الفن الثالث: علم البديع
  وإن كان مثله: فأبعد عن الذّم، والفضل للأوّل؛ كقول أبى تمام [من الكامل]:
  لو حار مرتاد المنيّة لم يجد ... إلّا الفراق على النّفوس دليلا
  وقول أبى الطيب [من البسيط]:
  لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
  ولم يسمح بعد ذلك بهلاكه. (وإن كان مثله) أي إن كان الثاني مثل الأول في البلاغة والفضل (فأبعد من الذم) مما قبله، ولكن الفضل للسابق، كقول أبى تمام:
  لو حار مرتاد المنيّة لم يجد ... إلا الفراق على النفوس دليلا(١)
  فإنه مثل قول أبى الطيب بعده:
  لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا(٢)
  كذا قالوه، والذي يظهر أن بيت أبى الطيب أحسن، لأنه أصرح في المراد. قال في الإيضاح: ومن هذا الضرب ما هو قبيح جدا، وهو ما يدل على السرقة باتفاق الوزن والقافية، كقول أبى تمام:
  مقيم الظن عندك والأماني ... وإن قلقت ركابى في البلاد
  ولا سافرت في الآفاق إلّا ... ومن جدواك راحلتي وزادي(٣)
  وقول أبى الطيب:
  وإني عنك بعد غد لغاد ... وقلبي عن فنائك غير غاد
  محبّك حيثما اتّجهت ركابى ... وضيفك حيث كنت من البلاد(٤)
(١) البيت من الكامل، وهو لأبى تمام بلفظه في عقود الجمان (٢/ ١٧٩)، وشرح ديوانه (ص ٢٢٨)، ولكن فيه (لو جاء)، بدلا من (لو حار).
(٢) البيت من البسيط، وهو لأبى الطيب المتنبي في شرح ديوانه (١/ ٥٩)، وشرح عقود الجمان (٢/ ١٧٩).
(٣) البيتان من الوافر، وهما لأبى تمام في شرح ديوانه (ص ٨٠)، بتقديم الثاني على الأول، وفيه (وما سافرت)، وشرح عقود الجمان (٢/ ١٧٩)، والإشارات (ص ٣١٠).
(٤) البيتان من الوافر، وهما لأبى الطيب المتنبي في شرح ديوانه (١/ ١٣٣)، وشرح عقود الجمان (٢/ ١٧٩)، وفيه: (وقلبي في فتائك)، والإشارات (ص ٣١١).