الرد على مسائل المجبرة عن وسوسة إبليس وسائر الشياطين،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

من الذي قتل القبطى موسى أم الشيطان أم هما معا؟

صفحة 289 - الجزء 1

  قال: {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ٩٥ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ ٩٦}⁣[الشعراء]، وقوله، ø: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ٨٥}⁣[ص].

  فتراه سمى المطيعين له غاوين - على قود قولكم! ..

  ٣ - وإن قلتم: مجبورن تخييراً لا قسراً لزمكم ان قولكم بالجبر باطل، وأن أهل العدل اصوب قولاً منكم، وان الناس يقدرون ان لا يطيعوا إبليس في قوله وأمره وفعله ووسوسته، وأن لهم عن ذلك مندوحة ومعزلاً وغنى؛ وأنه لامقدرة له على معصيتهم، ولامقدرة له ولا لجنوده على إضلالهم جبراً أو قسراً؛ لانهم - أعني الجن - مخيرون تخييراً؛ ولذلك لزمهم أن لا يضلوا عباد الله، ø، إذ خلقوا كلهم للطاعة لا للمعصية.

من الذي قتل القبطى موسى أم الشيطان أم هما معا؟

  ودليل آخر؛ أنه لا يجوز لموسى، ~، في عظمة وشرف مقامه وكمال ورعه وصدق لسانه وبارع علمه، أن يلزم إبليس قتل القبطي، وهو القاتل له وحده؛ إذ قال: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}⁣[القصص: ١٥] فالزمه إياه كله، ولم يقل: هذا من عمل الشيطان وعملي معه أيضا، فيلزمه الكذب ها هنا. إذ كذب على إبليس إذ الزمه القتل كله؛ ولم يذكر نفسه! ..

  وهذا خارج من الحق، والأنبياء لا يقولون إلا الحق، صلوات (الله) عليهم اجمعين؛ وإنما المعنى فيه الذي عنى الله، ø؛ أنه - أي موسى، # - عني أنه - أي القتل بلا ذنب ظلماً - من جنس عمل الشيطان وشكله، إذ عمل إبليس المعصية في بدء الأمر، يوم غش آدم، صلى الله عليه؛ وكان إبليس أول من عصى الله، ø؛ معصية عمد، لا ما ذهب إليه الجهال انه