الرد على مسائل المجبرة عن وسوسة إبليس وسائر الشياطين،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

نقد هذا الكلام السخيف:

صفحة 310 - الجزء 1

هل إبليس مضطر في وسوسته لبنى آدم؟!

  وإن كان إبليس - على قود قولكم - مضطراً إلى القذف في قلوب بني آدم، وهو مسلط عليهم وهم مضطرون أيضا إلى ذلك من إبليس، فقد وجب عذرهم وعذره، ولاجناح عليه ولا عليهم، لقول الله، ø: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}⁣[الأنعام: ١١٩] فالله، ø، لا يؤاخذ من اضطر إلى شئ من جميع الأشياء!

  وإن قلتم: إنه يؤاخذ المضطر.

  خالفتم القرآن؛ ومن يخالف القرآن كفر بإجماع الأمة، والحمد لله رب العالمين.

هل لإبليس منقار كما تلعى المجبرة؟!

  وقد ذكر عن بعض من نظر في هذا الباب من أنه وصف إبليس بأن له منقاراً طويلاً، يدخله في أذن الآدمى فيوصله إلي قلبه فيوسوس بذلك المنقار!.

نقد هذا الكلام السخيف:

  وهذا أحول المحال إذ جعل الله الحواس الخمس له على خلقه ليحسها؛ فإذا غاب عن الحواس - مما لا تدركه - لم يلزمها فيه حجة، وكل من دخل في أذنه شعرة فلابد أن يحسها، ويعلم بها؛ إذ الحواس لابد لها من أن تحس ماوقعت عليه او وقع عليها.

  وأنتم تعلمون وتشهدون لنا، أن هذا المنقار لا علم لكم به، إذا دخل في الأذن ولا إذا صار في القلب!

  فإن قلتم: إن الله اقدره على ذلك.

  لزمه الجور، وأن لا قوة لنا على من فعل بنا هذا، وأن حجتنا عليه قائمة؛ إذ كلفنا ما لا نطيق؛ وقد نهانا أن لا نطيع إبليس؛ فكيف ينهانا عن أمر قد الزمناه بعد ما قال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦] و {إِلَّا مَا آتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧]؟! ... ولا يكون