الرد على مسائل المجبرة عن وسوسة إبليس وسائر الشياطين،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

الحجة الثامنة معنى أن إبليس يشاركنا في أعمالنا سقوط العدل

صفحة 337 - الجزء 1

الحجة الثامنة معنى أن إبليس يشاركنا في أعمالنا سقوط العدل

  ومن الحجة أيضاً قول الله، ø، في ذكر إبليس {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}⁣[الإسراء: ٦٤]، وكل معصية لا تجوز في عدل العادل الحكيم؛ لأنه لا يأمر بالباطل ولا يقضيه.

  وكيف يشارك الشيطان الناس في الأموال والأولاد؟.

  فالجواب لهم في ذلك وبالله نستعين، أن نقول لهم: إن ذلك جائز في العربية، أن يخرج الكلام في لغة العرب من المتكلم مخرج الأمر، ومعناه خلاف ذلك؛ وإنما هذا عندنا - وعند أهل العلم والقول بالعدل - على الوعيد والتهدد، كنحو قول الرجل للرجل: أجهد جهدك واجهد جهدك. كل ذلك على الوعيد والتهدد -.

  وقد تقول العرب للرجل: اذهب اقتل فلاناً، واذهب اضرب فلاناً. على الوعيد له، وهم لا يريدون قتله ولا يحبونه، ولا يريدون ذلك من الرجل الذي أمروه بفعله، وهذا معروف في كلام العرب غير منكر؛ وإنما نزل القرآن على لغة العرب وتصرفها فيما تعرف.

  وأما ما ذكره من مشاركة الشيطان في الأموال والأولاد فإن ذلك ليس - عند اهل العلم - كمشاركة الآدميين، وإنما هو كنحو قول السحرة لفرعون {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}⁣[طه: ٧٢]، أي اصنع ما أنت صانع، كل ذلك على التهدد والوعيد.

  وأما قوله، ø {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}⁣[طه: ٧٢] في لغة العرب جائز أن يسمى الصانع للشئ قاضياً له.

  قال الشاعر يصف درعين على رجلين فقال: