مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

[شروط الإمامة]

صفحة 143 - الجزء 1

[شروط الإمامة]

  ثم اعلم أنه قد أجمع علماء الأمة ممن يعتد بقوله على وجوب نصب إمام للمسلمين، تدور على نصب أوامره ونواهيه رحى الإسلام، وتقام بدولته الحدود وتنفيذ الأحكام، وجعلوها قطعية، ولذا عدوها من مسائل الأصول، وانعقد إجماعهم في الجملة على أنه لا بد أن يكون ذلك المنصوب قد جمع شروطاً يصلح معها أن يكون إماماً للمسلمين، فمنها العلم والأمانة وإليهما يرجع أكثر الشرائط الباقية، وفيما حكاه الله سبحانه من يوسف عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام في خطابه لعزيز مصر {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ٥٥}⁣[يوسف] فعلل استحقاقه الولاية بالعلم والأمانة على ما ولي، ومن ذلك ما صرح القرآن من خطاب النبي ÷ بقوله: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}⁣[النساء: ٥٨] فإنه صريح في اشتراط الأمانة في الأئمة والولاة في تحريهم العدل والإنصاف وإمضاء الأحكام الشرعية على السنن القويم، ولم يمشِ على طريقة العدل من جهل الكتاب والسنة وأقوال العلماء خصوصاً وعموماً بل لا يعدل إلا من رسخ قدمه في علم الشريعة، وكان ذلك مع تقوى، تحمله على المشي على قانونها المرضي، ومنها كونه قرشياً لقوله ÷ في الحديث الصحيح: «الأئمة في قريش» فإنه خبر في معنى الأمر، ولذا احتج به المهاجرون من أصحاب رسول الله ÷ على الأنصار عقيب موته ÷ عند تطاول كل فريق للخلافة ولأمره ÷ بطاعة قريش.

  وأما اشتراط كونه ذكر، فلقوله ÷: «لن يفلح قوم ولّوا قومهم⁣(⁣١) امرأة» وكونه


(١) كذا في الأصل، والصواب: أمرهم، كما في الرواية.