رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية
  
  الحمد لله الذي فتح لأصفيائه باب الدعاء إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة ومنح قلوب أوليائه التلقي بالقبول على مرور الأعوام والأزمنة، وجعلهما فريضتين لازمتين وواجبتين متساويتين، وإن تباعدت الديار والأمكنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مذعنة بأنه الواحد القاهر، الأول الآخر، الباطن الظاهر، الخالق الفاطر، الذي لا تدركه النواظر، ولا تحجبه السواتر، ولا يشبهه شيء من المخلوقات، ولا تظاهيه هيئة العناصر، وهو الحي القيوم السميع البصير، القادر العليم الحكيم، فأفعاله جارية على قانون الأحكام، الباهر الصادق في الأقوال، العادل في الأفعال، فلا يرضى القبيح ولا يفعله، ولا يصدر عنه في النواهي والأوامر، كلف عباده اختياراً ولم يكلفهم اضطراراً، وهداهم النجدين، ومكنهم من الفعلين، ودعاهم إلى الخير الوافر، صادق الوعد، والوعيد، ما يبدل القول لديه وما هو بظلامٍ للعبيد، لا يثيب أحداً إلا بعمله، ولا يعاقبه إلا بذنبه، من كل برٍ وفاجر.
  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المختار لتبليغ رسالته واستيداء شكر نعمته، ختم به أبواب النبوات، وأيده بالآيات البينات، والمعجزات النيرات، في حله ورحلته، بعثه على فترة من الرسل، ودرس من السبل، فنسخ بملته جميع الملل، ومن جاهد في الله بالقول والعمل، حتى استقام الحق واعتدل، وخاب الباطل وبطل، وحتى اختار الله له رفيع درجته بدار كرامته ÷ صلاةً وسلاماً يثبتان دواماً ويكونان لحقوقه قواما، وجزاه عنا أفضل ما جزى نبياً عن أمته، وعلى أخيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب