مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية

صفحة 206 - الجزء 1

  أفضل الصديقين المنزل منه بمنزلة هارون من موسى إلا نبوءته، وعلى سيدة النساء، خامسة أهل الكساء، سليلة الرسول وبضعته، وعلى ولديهما الإمامين قاما أو قعدا سيدا شباب أهل الجنة، السعداء ولدي المصطفى وعصبته، وعلى عترتهم الأطهار المصطفين الأخيار، سفن النجاة، وقرناء الكتاب وتراجمته، ورضي الله عن الصحابة الراشدين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، القائمين بما أوجب الله عليهم من حق طاعته، وبعد ..

  فلما رأينا قواعد الدين الحنيف قد أشرفت على الانهدام، ومعالم الشرع الشريف قد أشفت على الاندراس والإنعدام، وتعطلت الشرائع والأحكام، واستحل الحرام، وظهرت البدع والمنكرات، وعمت المظالم والبليات، وبدت نواجم الكفر والضلالات⁣(⁣١) في جميع الجهات، واعتور الإسلام وأهله المصائب والنوائب والآفات، وصار حاله كما قال النبي ÷: «بدأ الدين غريباً وسيعود غريباً وطوبا للغرباء» فعند ذلك عول علينا العلماء الأعلام، ومن يرجع إليهم النظر والإبرام، وألزمونا الحجة في القيام بأمر الإمامة العظمى، والتسنم لهذا المنصب الرفيع الأسمى، فلما لم نجد عما راموه منا معدلاً، وما ألفينا للإعتذار مدخلاً، جردنا العزيمة غيرة لدين الله تبارك وتعالى، وقمنا بهذا الواجب العظيم تعظيماً له وإجلالاً، وكررنا الدعاء إلى كافة العباد، وبعثنا الكتب والرسائل إلى أقطار البلاد، وحرضنا على فريضة الجهاد، والسلوك في سبيل الرشاد، فأجابنا بحمد الله الجم الغفير، وأهرع إلى دعوتنا الصغير والكبير، ثم لا زلنا نبذل النفوس والنفيس تطلباً لإعزاز الدين والذب عن شريعة سيد المرسلين،


(١) في نسخة (من جميع الجهات).