رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية
  ومؤمنة، ومنها جعله منه كهارون من موسى، ومنها ما رواه حذيفة في علي أنه خير البشر، ومنها ما رواه أبو ذر وعمار ® عن النبي ÷ أنه قال لعلي # «من أطاعك فقد أطاعني ومن عصاك فقد عصاني» ولقوله «علي مني وأنا منه» وكقوله «أوحي إليَّ في علي أنه إمام المسلمين وسيد الثقلين وقائد الغر المحجلين» إلى غير ذلك مما يطول تقصيه.
  وأمَّا الفعل فإنه لم يؤمِّر عليه أحداً قط، وما بعثه في سرية ولا جيش إلا أمَّره عليهم وأمرهم بطاعته وحذرهم عن مخالفته وكان صاحب الراية(١) في غزواته حتى سأله جابر بن سمرة يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة فقال: «وما عسى أن يحملها إلا من حملها اليوم علي بن أبي طالب» وأخذ برآءة من أبي بكر ودفعها إليه وقال: «إنه لا يبلغها عني إلاَّ أنا أو رجل مني» وأخرجه عند المباهلة وأجراه مجرى نفسه لما آخا بين أصحابه وقال: «هذا أخي في الدنيا والآخرة» وزوجه ابنته سيدة نساء العالمين مع كثرة خطابها من سادات العرب وقال لها: «زوجتك أعلمهم علماً وأقدمهم سلماً» ولا نقم منه طول صحته ولا أنكر عليه شيئاً من قوله وفعله بل أنكر على من شكاه معرضاً عنه قائلاً: «مالكم ولعلي، علي مني وأنا منه وهو مولى كل مؤمن ومؤمنة».
  هذا وما كان عليه من صغره إلى كبره فإنه غسله عند ولادته وسماه، وفي حجره المبارك رباه ولما بعث كان أول من أجابه، وصلى معه، وكان كاشف الكرب عن وجه رسول الله ÷، وذاباً عن الدين ابتغاء وجه الله سبحانه وكان جامعاً لخصال الكمال
(١) في نسخة: «لوائه».