مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

الباب الثالث في أمهات مسائل من أصول الدين لا يعذر في جهلها أحد من المكلفين على سبيل الجملة والاختصار

صفحة 232 - الجزء 1

  والمعنى أن تعرف ذلك بالنظر والاستدلال الموصل إلى العلم؛ لأن التقليد في أصول الدين قبيح مذموم ولا يأمن أن يقلد المخطئ أو الكافر وتقليد الكافر في كفره كفر بلا شك، وقد ذم الله سبحانه التقليد في كتابه وعلى لسان نبيه ÷؛ لأنه لا يفيد إلا الظن، وقد قال تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}⁣[يونس: ٣٦] وقد قال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ٦٦}⁣[يونس] وقد قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء] وقال تعالى حاكياً عن الكفار {قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ٣٢}⁣[الجاثية: ٣٢] إلى غير ذلك من الآيات، والتقليد مذموم على الإطلاق، وإنما أبيح للجاهل في المسائل الفرعية العملية لضرورة الجهل لما كان كل مجتهد فيها مصيباً أومخطئ معذوراً على اختلاف المذهبين، ولأنه قد ضل كثير من الناس في مسائل الاعتقاد فمنهم من شبه الله بخلقه مع قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١] ومنهم من قال برؤيته تعالى بعد قوله {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}⁣[الأنعام: ١٠٣] ومنهم من أضاف قبيح فعله إلى ربه بعد قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ}⁣[الأعراف: ٢٨] ومنهم من جوَّز عليه تعالى تعذيب الأنبياء بعد قوله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}⁣[الكهف] إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة، التي هي عند الله كاسدة، فحينئذٍ يجب على المكلف أن ينظر لنفسه ويحصِّن عقيدته ليفوز بالسلامة والنجاة، ويكون من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وجملة ما نذكره هاهنا ثلاثة فصول، الأول: التوحيد، الثاني: العدل، الثالث: الوعد والوعيد.