الباب الثالث في أمهات مسائل من أصول الدين لا يعذر في جهلها أحد من المكلفين على سبيل الجملة والاختصار
الفصل الأول في توحيد الله ø
  ومعنى التوحيد ما قال الوصي #: التوحيد أن لا تتوهمه، والعدل أن لا تتهمه، وصدق #، فإن من توهم الله أو كيفه أو مثَّله فلم يوحده وفيه عشر مسائل: -
  المسألة الأولى: أن تعلم أن لهذا العالَم صانعاً صنعه، وخالقاً دبره وأحكمه، والدليل على ذلك أنَّا وجدنا عليه أي العالَم أثر الصنعة الرصينة المحكمة والفطرة العظيمة المتقنة، والتأليف والتركيب، والاتساق والترتيب، ووضع كل شيء في موضعه مع الإحكام والتدبير العجيب، ومن لازم ذلك كله الحدوث وكل مُحدَث لا بد له من مُحدِث ضرورة، لاستحالة وجود بناء لا باني له، وأثر من دون مؤثر، فعلمنا بذلك أن الله تعالى هو الذي أحدث العالم وكونه وأحكمه ودبره ومن العدم أخرجه.
  ودليل ثانٍ: وهو أنا علمنا أن في الجسم عرضاً غيره، وعلمنا أن ذلك العرض محدث، وعلمنا أن ذلك الجسم لم يخلُ عنه، وعلمنا أن ملازمته إياه تستلزم حدوثه فعلمنا أن له محدِثاً وهو الله تعالى.
  ودليل ثالث: وهو قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ١٦٤}[البقرة] وقوله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ٢١}[الذاريات] وغيرها من الآيات المثيرة لدفائن العقول وهي زهاء خمسمائة آية في كتاب الله تعالى.