مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

السيف المسلول لقطع حبائل أهل العلة والمعلول

صفحة 30 - الجزء 1

  

  الحمد لله الذي فطر القلوب على توحيده وتمجيده، وأورى قبسها الثاقب بأفكار صالحي صفوته وعبيده، الذي لا تدركه النواظر، ولا تحجبه السواتر، الأول الآخر، الباطن الظاهر، لا تحويه العناصر، ولا تحله الأعراض والجواهر، المتصف بصفات الكمال، المتعالي عن الأنداد والأشباه والأمثال، تبارك ربنا وتعالى عن أن يكون حالّا أو محلولاً، دلت على وجوده بدائع مخلوقاته، ومحكمات مصنوعاته، واتصف لأجلها [وبذاته]⁣(⁣١) بجميل نعوته وصفاته، القادر، العالم، الحي، الدائم، الواحد، الأحد، الفرد، الصمد، الذي لم يلد فيكون والداً، ولم يولد فيكون مولوداً، سبحانه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، ولم يكن له شريك في ملكه أبداً، الغني عمن سواه، فلا معين له فيما أحدثه وبراه، العدل فيما حكم به وقضاه، له الأسماء الحسنى، والأمثال العلى، الصادق في وعده ووعيده، المصدق بمعجزاته لمن انتخبه من صفوته وعبيده، وأقر بوحدانيته الصامت والناطق بما أتقن وصنع، فإليه يفزع الملهوف إذا فزع، كان ولا شيء قبله شديد المحال، وهو كائن قبل الحال وعلى كل حال، ساوى بين خلقه في الخلق والموت والفناء والحياة وفي الرزق المحتوم لا المقسوم، فما شق فاه إلا كفاه، لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، ولا تضمنه الأنواع والأعراض والأجناس، القريب البعيد، الفعال لما يريد، لا يظلم العباد، ولا يحب الفساد، بل دعاهم إلى الرشاد، وحذرهم من العناد، واستأدى شكر نعمه، ليزيدنا من مواهبه ومننه وكرمه.


(١) لم تظهر في الأصل.