فصل في حكم تبييت الكفار وفيهم من لا يجوز قتله كالطفل والمراة
  وقائل: خبر النهي مطلق غير(١) مقيد بنحو الخبرين المذكورين، فيفيد(٢) التحريم المستفاد من النهي بغير حالتي التبييت والمحاصرة المدلول عليهما في الخبرين.
  وقيل مقيد بالعمد والقصد للنساء والذراري فتحت(٣) في حالتي التبييت والمحاصرة أن يقصد ما يحصل به القتل لمن يجوز قتله، وقيل مقيد بالتمكن من قتل من يجوز قتله، فيجوز قتل من لا يجوز قتله إن لم يتمكن قتل من يجوز قتله إلا بذلك، ثم أطلق هذا القول الثالث فيرد عليه هل يجوز ذلك في حالتي التبييت والمحاصرة؟ أو المصافة للعدو عند المدافعة وخشية استئصال قطر من أقطار المسلمين أو الخشية من إحداث ما لم يمكن تلافيه إن لم يقتلوا أو لحوق الضعف والهوان في المسلمين أن يبادروا بقتل المشركين أو في حال قصدهم للمسلمين أم يجوز ذلك من غير حصول شيء من هذه المذكورات حتى يجوز أن يبعث رجل واحد أو أكثر منه غير مقاتلين لإحراق دار من دور المشركين بالتلصص ليلاً وفيها النساء والصبيان ومن لا يجوز قتله، وقد لا يحصل بذلك النكاية في العدو من المشركين بل يحصل ضدها من أنهم يفعلون بالمسلمين مثل ذلك الفعل العظيم أو أعظم منه.
  إذا عرفت هذا أيها الناظر بعين الإنصاف فماذا تنكره على من أفتى بتحريم هذه الصورة فقط اعتماداً منه على القول بالنسخ، وهو الأولى لسلامته من التأويلات وكثرة الإختلاف في المقيدات حسبما بيناه أو اعتماداً على ترجيح الخاص على المبين(٤) مع جهل التاريخ وأفعال الرسول ÷ والأئمة بعده منزهة مقدسة عن مثل هذه الصورة المذمومة المحظورة، المجردة عن كل قيد من القيود المذكورة، ولو بأهل الشرك عبدة الأوثان وأي دليل على جوازها بذلك الوصف فهذا وقت الحاجة إليه.
(١) لعل كلمة (غير) محذوفة ليستقيم الكلام، والله أعلم.
(٢) كذا في الأصل، ولعلها: فيقيد، والله أعلم.
(٣) كذا في الأصل، والمراد فصحت.
(٤) كذا في الأصل، ولعل الصواب: الحاضر على المبيح كما سيأتي في الرد عليه في جواب العلامة الكبسي.