رسالة الإمام # في وجوب تسليم الزكاة إليه حيث تنفذ أوامره وحيث لم تنفذ
  بالأفضل عند أهل المذهب، وتبين لهم أن للإمام أن يلزم الناس بمذهبه فيما يقوى به أمره، ويوصل مأربه، كما هو نص أهل المذهب، أين أنت عن الإلزام بوجوب الالتزام؟! وكان عليك أيضاً أن تعلمهم أن التسليم إلى الإمام أحوط وأخذ بالإجماع، وخروج من الورط، وأن صاحبها يكون مشاركاً في أجر الجهاد، وثواب النزال والجلاد، ولهذا كان تسليمها عندهم إلى الإمام أفضل لأنه يصرفها في المصالح العامة العائد نفعها على كافة الأمة، ولهذا جاء عن النبي ÷ «أنه يقال للعابد ادخل الجنة وحدك فإن نفع عبادتك إنما كانت لك وحدك، ويقال للعالم ادخل الجنة واشفع لمن شئت أن تشفع فإن نفع عبادتك بالتعليم كان لك ولغيرك» بخلاف الدفع إلى الفقير، فالمصلحة فيه خاصة وهي سد خلته، مع أنه ممكن الأخذ بالطرفين بأخذ الإذن من الإمام ولما كان التسليم إلى الإمام مستجمعاً لهذه الفضائل حرص الشيطان على ترك التسليم إليه، وقد حذر الله تعالى عن ذلك فقال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢] مع أن القائم في زماننا هذا بين أناس قد أخذت الفانية بأزمة قلوبهم، وقل المؤمنون فيهم، فلا ترى من يلتفت إلى الدين، ولا إلى من يدعو إليه، ويذب عن حوزة الإسلام والمسلمين، إلا بإعطاء شيء من الدنيا وإطعامه منها، وإلا أضرب عن الدين صفحاً، وطوى عنه كشحاً وأضر بأهل الإسلام، وتابع الفجرة الطغام، فكيف يحسن عدم التحريض على شيء لا يثبت الالتزام للإمامة إلا به، وإلا صار رسم الدين خالياً عن الأنيس، لم يفق(١) منه إلا على أخبار طسم وجد يس(٢)، وقد استرسل الكلام، والحديث ذو شجون، ولكن لا يخلو من فائدة، فخذ ذلك أيها الأخ موفقاً.
(١) في نسخة: لم يبق.
(٢) قال في حاشية أخرى ما لفظه: طسم قبيلة من عاد انقرضوا وجديس كأمير قبيلة، والصواب بالحاء المهملة أفاده في القاموس. تمت.