تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (المرسلات)

صفحة 102 - الجزء 1

  به من التبيين والحجج {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ٥} أي يلقون إلى الملائكة ما ينزلون به من السماء ذكراً، أي وحياً من الأوامر، وغير ذلك {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ٦} أي إعذاراً وإنذاراً، وهما يتقدمان ما ينذرون، به ليأخذوا حذرهم من بطش رب العالمين {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ٧} هذا جواب القسم، وأن الذي توعدون به من القيامة وغيرها لواقع كائن ونازل قطعاً لا ريب فيه، {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ٨} أي ذهبت وفنيت ومحقت وهو موافق لقوله: {انْتَثَرَتْ} و {انْكَدَرَتْ ٢}، {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ ٩} فتحت ومزقت وقطعت فانفرجت وَإِذَا {الْجِبَالُ نُسِفَتْ ١٠} كالحب إذا نسف، والمراد هنا تمزيقها وذهابها وافناؤها وإبادتها {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ١١} أي قد جعل الله لها وقتاً، إليه تبلغ وإياه تنتظر الوقت الذي يحضرون فيه.

  {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ١٢} تعظيم لليوم وفيه تعظيم لذلك اليوم، وتعجيب من هول ذلك اليوم {لِيَوْمِ الْفَصْلِ ١٣} وهو اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق، وبيان ليوم التأجيل الذي وقع مؤجلاً {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ ١٤} تعظيم وتهويل، ويوم الفصل الذي يفصل فيه بين الناس وهو يوم عظيم {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ١٥} ويل لهم من عذاب الله ونقمته، لأنه عذاب مستمر {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ١٦} أي ألم يعلموا أنا قد أهلكنا الأولين {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ ١٧} أي كفار مكة وغيرهم، لأنهم كذبوا كما كذب من قبلهم {كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ١٨} أي الهلاك والعذاب نفعل به كل المجرمين {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ١٩} تقدم تفسيرها وتوكيدها للتخويف {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٢٠} أي القليل اليسير الضعيف {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ٢١} هو الرحم لأنه يقر فيه ويحفظ {إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢٢} الذي قدره الله إلى وقت خروجه، وقد قدره الله بتسعة أشهر فما فوق أو ما دون {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ٢٣} أي قدرنا ذلك الأجل، فنعم تعظيم القدرة الإلهية، أي فإنا أفضل القادرين وأعظمهم قدرة {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ٢٤} تقرير كما تقدم، {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ٢٥ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ٢٦} وفي هذا توقيف للخلق على أثر صنعه، وتقرير لهم على ما يقرون، من جعل الأرض كفاتاً، والكفات الجمع أحياء وأمواتاً، أي تكفت الأحياء والأموات تجمعهم وتضمهم