تفسير سورة (الإنسان)
تفسير سورة (الإنسان)
  
  {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ١} هل بمعنى قد، وهي للتقريب أي: قد أتى على الإنسان قبل زمان قريب حين من الدهر، وحين من الدهر، طويل كثير لم يكن شيء يذكر في هذا الدهر، أي: أنهم خلقوا بعد أن لم يكونوا، ثم قال: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} خلقناه، صورناه، وقدرناه، وجعلناه من أمشاج بمعنى ممزوجة قد امتزجه بماء، قيل: هي عورق النطفة، وقيل أمشاج ألوان وأطوار، يريد أنها تكون نطفه ثم علقة ثم مضغة، وقيل: الأوصال الموصلة، والمفصلة نبتلية نختبره ونمتحنه، ويريد ابتلاءه أو ناقلين به من حال، إلى حال أو نصرفه في بطن أمه {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ٢} أي: قدرناه بأن يكون سميعاً بصيراً ليكون أكثر في النعمة {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} أي: قد أوضحنا له السبيل الذي هو سبيل الله، وهو دين الله ومراده من خلقه {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ٣} أي: بد من أن يكون على أحد الأمرين، إما شاكراً ذاكراً بقلبه ولسانه وإما كافراً، معرضاً، كافراً لما أولينا من نعمنا {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ٤} سلاسل من حديد وأغلالاً كثيراً، كذلك يغل بها تربط في الأيدي إلى الرقاب والسعير فهو لهب النار، ثم رجع سبحانه إلى ذكر الشاكرين فقال: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ٥} الأبرار هم الذين استقاموا وبرأوا أنفسهم وصانوها عن اقتراف الآثام الموجب للعذاب،