تفسير سورة (الإنسان)
  فيشربون من كأس كان مزاجه كافوراً قيل: اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور، ورائحته وبرده وهو أطيب ما يكون طعماً ورائحة {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ٦} يفجرونها يجرونها إلى حيث ما يشاؤون من منازلهم تفجيراً سهلاً، لا يمتنع عليهم أو يسيلونها إلى حيث ما يشاؤون تسييلا {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} وصفُ لهم بأنهم يتمون ما نذروا به، ويوفون به وفيه دليل على أن الوفاء بالنذر من صفة المؤمنين، وقد يسمون الواجبات نذراً بمعنى أنه ملزم بأدائه {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ٧} يخشون من يوم القيامة الذي يكون شره مستطيراً منتشراً بالغاً أقصى المبالغ في شدة انتشاره وحريقه، وقيل: عالياً ظاهراً مبيناً مكشوفاً {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ٨} أي: يتصدقون به ويطعمون غيرهم على حبه وحاجته والرغبة فيه مثل قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[آل عمران: ٩٢] فالضمير للطعام على هذا، وقيل: على حب الله والأول أوجه.
  والمسكين: الفقير، واليتيم: الطفل الذي مات أبوه وأمه أو أحدهما برعايته والأسير: الذي أسره المسلمون وهو فقير لا يقدر على ماله وأهله، فيجب إطعامهم، قال في المصابيح: وقد ذكر أن هؤلاء الذين فعلوا هذا الفعال هم الخمسة، محمد ÷، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين رحمة الله عليهم، فعلوا ذلك في وقت عسرة وضيق شديد وحاجة إلى المعاش، انتهى.
  قلت: لا يمتنع أن تكون الآية للعموم، وأن المؤمنين من الصحابة كانوا يفعلون ذلك، ولكن أما السبب فهو معروف عند أهل التحقيق، وأنه أمير المؤمنين وفاطمة وفضة جاريتهما، وذلك أنه مرض الحسنان فنذروا بصيام ثلاثة أيام أن الله يشفيهما ويلطف بهما فبرءا من المرض، فصاموا، وكان إذا حضر العشاء سأل سائل، الأول المسكين في الليلة الأولى، وفي الثانية اليتيم، وفي ذلك الأسير، فكانوا يعطون السائل ويبيتون جائعين، فنزلت الآية أو السورة فيهم وهذا مروي عند الكثير، وقد وقع تخريج الحديث في هامش المصابيح