تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (القارعة)

صفحة 34 - الجزء 1

  الفراش المبثوث، الذي يموج بعضه في بعض ويصدم بعضه بعضاً، ويسقط تهافتاً على الأرض لكثرته وحيرته واختلاف جهته، ويومئذ يدعوهم من تلك الجهات المختلفات، الداعي فيستجيبون لدعوته كلهم جميعاً، كما قال سبحانه وتعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ}: أي: لا اختلاف لهم، وهم في حيرته من ندامة، إلإ صاخة بالأسماع كما قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ٣٣} انتهى.

  ثم عقب ذلك بقوله: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ٦ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ٧} أي: مرضية زاكية، وذلك بالأعمال الصالحة والفضائل الواضحة، هناك تثقل موازينه والثقل هنا بمعنى العظمة، كما يقال: فلان عظيم خطير له شأن رفيع، وليس هناك موازين حقيقية، وكذا يستعمل العرب للشيء الخطير يقولون: ثقيل شأنه كما أفاد ذلك في المصابيح وغيره، وكذا قوله: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ٨ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ٩} تأويله كذلك لا يكون له قدر ولا ثقل لأعماله السيئة، وأمه هاوية، من قولهم: أذا دعوا على الرجل بالهلكة هوت أمه لأنه إذا هلك هوت أمه ثكلاً وحزناً وقيل: أمه قصيرة ومهواة من أسماء النار، حينئذ كما قيل: (فمأواه النار) ويدل عليه قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ١٠ نَارٌ حَامِيَةٌ ١١} فكانت النار الحامية هي أمه؛ لأنها مقر له ومأوى، والحامية التي لا تطفأ، نستجير بالله منها وهو خير مجير ونستعيذه بمنه وكرمه النجاة منها.