تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (البينة)

صفحة 40 - الجزء 1

  بإخلاص العمل والقيام بالصلاة وإيتاء الزكاة {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ٥} أي: دين الملة الهادية المستقيمة.

  ثم فصل جل وعلا وبين بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ٦} فالذين كفروا هم شر البرية بسبب أعمالهم الخبيثة، وبما كانوا يفترون على الله من الدعاوى الباطلة، فلهم النار وهي مستقرهم خالدين فيها أبداً.

  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ٧} صدق الله تعالى، فهم خير البرية بسبب أعمالهم الحسنة وامتثالهم لأوامر الله البينة، ووقوفهم حيث يرضى الله عنهم ذلك، وهذه نعمة عظيمة لا يساويها أي نعمة {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} الجزاء هو الثواب المستحق على الأعمال الصالحة، وجنات عدن أي المستقر {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وهذه نعمة عظيمة حينما يرضى الله عنهم، لأن رضاء الله أمر عظيم كما قال تعالى بعد وصفة الجنة ورضوان من الله أكبر، وكيف وقد ¤ ورضوا عنه، ورضاء الله لهم هو ما يفعل الله لهم من الخلود في دار النعيم ودار الجنان، ورضاء الله في قوله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} أي: من كل نعيم وهو الحكم باستحقاق النعيم الخالد {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ٨} أي: هذا الجزاء والرضاء من الله تعالى لمن خافه وألقاه وعمل عملاً صالحاً، اللهم اجعلنا ممن رضيت عنه، ورضيت عمله يا كريم.

  وقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ٨}: أي ما ذكره من النعيم والرضوان لمن خشي ربه، وخشية الله تعالى هي الخوف منه، الموجب للاتقاء، والقيام بأوامر الله تعالى جعلنا الله من أهل التقوى والكرامة، إنه رؤوف رحيم.