تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (البينة)

صفحة 39 - الجزء 1

تفسير سورة (البينة)

  

  {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} فأهل الكتاب اليهود والنصارى، وهم فرق كثيرة فاليهود سامرية وغيرها، والنصارى كذلك فرق شتى، والمعنى لم يكن المذكورون {مُنْفَكِّينَ} عن كفرهم {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ١} قال في الكشاف: كان الكفار من الفريقين، أهل الكتاب وعبدة الأصنام، يقولون قبل مبعث النبي ÷ لا تنفك عما نحن عليه من ديننا ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود به في كتبنا في التوراة والإنجيل محمد ÷، يعني: أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول، ثم ما فرقهم عن الحق، والتزامهم للكفر إلا مجيء الرسول ÷، والانفكاك هو المجانبة لما هم عليه، والترك لشركهم، ثم تفرقوا وازدادوا كفراد بعدما جاءتهم البينة، والبينة هي الحجة الواضحة، وهي الرسول من الله يتلوا صحفاً مطهرة من الباطل {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ٣} مستقيمة ناطقة بالحق والعدل منيرة بينة محكمة لها نور وبرهان، ليس فيها اختلاف ولا اعوجاج، كما قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ٥} له معنى {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} لا يشركون به شيئاً، بل عبادة خالصة لله وحده وحنفاء مجانبين كل ما لا يرضي الله، والحنيف هو الطائع المستقيم، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} على هذه الصفة،